أمّا جريان الأصل : فلعدم اعتبار الخصوصية الموجبة للحل مأخوذة في التذكية فلا تجري أصالة التذكية للعلم بوجودها ، وأمّا الثاني فلأنّه مشكوك الحلية والحرمة.
يلاحظ على الأمر الأوّل : عدم وضوح الفرق بين الصورتين ، فلأنّ الظاهر من تقسيم الشارع الحيوان إلى طاهر ونجس ، وحلال وحرام ، انّ للتذكية مراتب ، فمرتبة منها مؤثرة في الطهارة ومرتبة أُخرى مؤثرة في الحلية ، فمع الشكّ في تحقّق القابلية للحلية ، تجري أصالة عدم التذكية بالمعنى الثاني.
نعم يرد على جريانه في هذه الصورة ما أوردنا على الصورة الأُولى.
ويلاحظ على الأمر الثاني : أنّ أصالة الحلّ إنّما تجري فيما إذا كان الموضوع محكوماً حسب طبيعته بالحلية وشكّ في حرمته لعروض طوارئ خارجية ، ومثله الطهارة ، وأمّا إذا كان الموضوع حسب طبيعته محكوماً بالحرمة وكانت الحلية أمراً عارضاً عليه فلا تجري في مثله ولذلك ذهب الشيخ الأعظم وغيره إلى عدم جريان أصالة الإباحة في الدماء والأعراض والأموال وإن كانت الشبهة بدوية وذلك لأنّ الأصل فيها ، هو الحرمة وإنّما تعرض الحلية لها بأسباب خاصة فلا يجوز قتل إنسان باحتمال انّه مرتدّ ، أو النظر إلى المرأة باحتمال انّها من المحارم ، أو التصرف في مال لاحتمال انّه ماله.
والفقيه إذا تتبع في الفقه وقف على تلك الضابطة ولذلك ذهب المشهور إلى عدم جريان أصالة الصحة في تصرّف غير الولي في مال اليتيم ، أو بيع الوقف لاحتمال عروض مسوّغ له وما ذلك إلا لأنّ الأصل في هذه الأُمور ، هو الحرمة.
ومن هنا يعلم عدم جريان أصالة الحلية في كلتا الصورتين ، مع جريان أصالة الطهارة فيهما ، لأنّ الأصل في اللحوم هو الحرمة وإنّما يحكم عليها بالحلية لدليل خاص.