٣. نظرية المحقّق النائيني
إنّ هذه النظرية مبنية على كون الجملة الخبرية بمعنى الإنشاء ومعنى قوله : « فعمله أو فعله » : هو الأمر بالفعل والعمل كما هو الشأن في غالب الجمل الخبرية الواردة في بيان الأحكام ، وعلى هذا يصحّ أن يقال أنّ أخبار من بلغ مسوقة لبيان انّ البلوغ يحدث مصلحة في العمل بها يكون مستحباً فيكون البلوغ كسائر العناوين الطارئة على الأفعال الموجبة لحسنها أو قبحها والمقتضية لتفسير أحكامها ، كالضرر والعسر والنذر والإكراه وغير ذلك من العناوين الثانوية ، فيصير حاصل معنى قوله عليهالسلام : « أو بلغه شيء من الثواب فعمله » بعد حمل الجملة الخبرية على الإنشائية ، هو انّه يستحب العمل عند بلوغ الثواب عليه ، كما يجب العمل عند نذره ، ثمّ استقرب هذا الوجه قائلاً : إنّ ما عليه المشهور حيث إنّ بناءهم في الفقه على التسامح في أدلّة السنن. (١)
والفرق بين النظريتين الثانية والثالثة واضح ، حيث إنّ العمل على الأوّل يصير مستحباً ذاتياً ، بخلافه على هذا القول ، يكون مستحباً عرضيّاً لعروض عنوان البلوغ ، وقد أوضحه بقوله : إنّ الوجه الأوّل مبني على أن يكون مفاد أخبار من بلغ حجّية قول المبلغ ، وأنّ ما أخبر به هو الواقع ، فيترتب عليه كلّ ما يترتب على الخبر الواحد للشرائط ، ويكون العمل بما هو هو مستحباً ، وأمّا على هذه النظرية فانّ مفاده مجرّد إعطاء قاعدة كلية وهي : استحباب العمل إذا بلغ عليه شيء من الثواب ، فيكون مفاد أخبار من بلغ قاعدة فقهية كقاعدة « لا ضرر » و « لا حرج ». (٢)
__________________
١. فوائد الأُصول : ٣ / ٤١٥ ـ ٤١٦.
٢. فوائد الأُصول : ٣ / ٤١٥.