الصدقة (١) المخلوطة بالحرام ، فلا يحرم شيء من تلك إلا إذا علم تفصيلاً انّه ربا أو انّه مال الغير ، كما وردت في الروايات.
يلاحظ عليه : أنّ الصورة الأُولى خارجة عن محطّ البحث ، بشهادة أنّ الاحتمال فيه أيضاً منجّز فضلاً عن العلمين التفصيلي أو الإجمالي ، وينحصر الكلام في الصورة الثانية.
بيانه انّه إذا دلّ دليل قطعي على أصل الحكم ، دون حكم صوره ، وإنّما دلّ على حكمها إطلاق الدليل الشامل للمعلوم تفصيلاً والمعلوم إجمالاً والمشكوك وجوداً ، مثل قوله : « اجتنب عن الخمر » فانّ أصل الحكم ثابت بالدليل القطعي ، لكن حرمته في عامة الصور إنّما يثبت بإطلاق الدليل ، فلا شكّ في إمكان تقييد الدليل ، بصورة العلم التفصيلي ، وإخراج صورة العلم الإجمالي بالموضوع عن تحته ، كإخراج صورة الشكّ عنه في وجود الموضوع ، فهذا أمر ممكن فيجوز تقييد إطلاقه بإخراج صورة المعلوم بالإجمال ، فتكون النتيجة اختصاص حرمة الخمر بصورة العلم التفصيلي.
ويمكن استظهار كون الأحكام من قبيل القسم الثاني ، من كونها محدّدة بعدم طروء عناوين ثانوية ، كالضرر ، والعسر ، والحرج ، والاضطرار ، والإكراه والتقية ، وعدم الابتلاء بالأهم ، إلى غير ذلك من العناوين الثانوية ، التي تكون مانعة عن تنجز الأحكام الواقعية ، فلو كانت الأحكام منجزة على كلّ تقدير فما معنى تحديدها بهذه الحدود.
نعم انّ هنا أُموراً ربّما يتخيل أنّها من جعل الترخيص حتى في القسم الثاني من الأحكام ، وقد أشار إليها الشيخ الأنصاري ، ونحن نأتي بها على وجه التفصيل حتى يتبين عدم كونها مانعاً عقلياً من إمكان الترخيص.
__________________
١. كفاية الأُصول : ٢ / ٢٠٨.