وأمّا الرواية الخامسة ، فالغاية حصلت حيث علم المكلّف بورود النهي ، وإن كان متعلّقه مردّداً بين المصداقين ; ولا دليل على تفسيره بالورود على الموضوع المشخص.
ثمّ إنّ هنا نكتة : وهي إنّا وإن أثبتنا إمكان جعل الترخيص في أطراف العلم الإجمالي بتقسيم الأحكام إلى قسمين ، لكن العرف يتلقى الترخيص فيه ، ترخيصاً في المعصية ، ولا يقتنع بتلك الإطلاقات ـ لو ثبت إطلاقها ـ بل يراها منصرفة عن مورده ، إلا أن يرد نصّ في المورد كما ورد في باب الربا ، وغيره.
وأمّا القسم الثاني الذي ربما يستظهر منه العموم والشمول لأطراف العلم الإجمالي فليس إلاحديثان :
١. « كلّ شيء لك حلال حتى تعلم انّه حرام بعينه ». (١)
وجه الاستدلال : انّ في قوله : « بعينه » احتمالين :
أ. انّه تأكيد للفعل وقوله : « بعينه » بمعنى جزماً لا تخميناً ، فيكون معناه « أي حتى تعلم جزماً ، لا ظناً انّه حرام ». والغاية بهذا المعنى حاصلة في مورد العلم الإجماليّ.
ب. انّه تأكيد للضمير المنصوب في « انّه » وقوله : « بعينه » بمعنى « بشخصه » فيكون المعنى « أي حتى تعلم انّه بشخصه ، حرام في مقابل المردد ».
والأوّل خيرة السيد الأُستاذ قدسسره. والظاهر هو الثاني ، ويؤيده ما ورد في اشتراء إبل الصدقة المخلوطة مع الحرام ، روى أبو عبيدة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن الرجل منّا يشتري من السلطان إبل الصدقة وغنم الصدقة وهو يعلم أنّهم يأخذون منهم أكثر من الحقّ الذي يجب عليهم ، قال : فقال : « ما الإبل إلا
__________________
١. الوسائل : ١٢ / ٦٠ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.