كما لا مزاحمة بين الخطاب بـ « اجتنب عن النجس » ورفع الاضطرار ثبوتاً ، فالقواعد الثلاث. متفقة على لزوم الاجتناب عن الطرف غير المضطر إليه.
ربّما يقال : إنّ رفع الاضطرار بالإناء الطاهر واقعاً يتوقف على العلم بالنجس الواقعي بعينه ، وأمّا إذا كان مجهولاً فلا يمكن الجمع بين قوله : « اجتنب عن النجس » وقوله : « رفع ما اضطروا إليه » لاحتمال انطباق ما يختاره على النجس الواقعي ، وحينئذ لا يكون لنا علم بالتكليف على كلّ تقدير إذا كان الاضطرار متقدّماً على العلم.
يلاحظ عليه : بأنّ مجرّد الاضطرار إلى الارتكاب ، ليس سبباً لرفع التكليف مالم ينته إلى العمل ، ولذلك لو ارتفع الاضطرار صدفة بعامل آخر ، لأثر العلم الإجمالي الحادث بعد الاضطرار.
وعندئذ يكون لنا حكمان فعليّان ، يحكم العقل بامتثالهما ، وحيث إنّ الامتثال القطعي غير ممكن يحكم بالامتثال الظني ، والاقتضاء بأحد الإناءين وترك الإناء الآخر.
وأمّا الصورة الثانية ففيما إذا كان الاضطرار مقدّماً على العلم أو مقارناً معه ، ففيه لا يجب الاجتناب عن الآخر ، لعدم دخول المورد تحت القواعد الثلاث ، وذلك لأنّه لا يحدث مثل هذا العلم التكليف على كلّ تقدير ، إذ لو كان النجس في الجانب المعيّن لما وجب عليه الاجتناب ، ومعه لا يحصل هناك علم بالتكليف مائة بالمائة.
كما أنّه لو انقلب العلم الإجمالي إلى التفصيلي لا يكون منجزاً مطلقاً ، إذ لو كان النجس في الإناء غير المعيّن يكون منجزاً ، وأمّا إذا كان في الإناء المعيّـن فمع العلم التفصيلي بأنّه نجس يجوز ارتكابه للاضطرار.
كما أنّ عدم التنافي غير محرز بين الحكمين ، إذ لو كان النجس في جانب