الدين المكتوب في المذكرات ، وذلك لانصراف أدلة البراءة عن مثل هذا الجاهل الذي يسهل رفع الجهل عن وجه الحقيقة.
ثمّ إنّ الشيخ استدلّ على اعتبار الابتلاء بصحيح (١) علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام قال : سألته عن رجل رعف فامتخط فصار بعض ذلك الدم قِطَعاً صغاراً فأصاب إناءه هل يصحّ له الوضوء منه؟ قال : « إن لم يكن شيئاً يستبين في الماء فلا بأس ، وإن كان شيئاً بيّناً فلا تتوضأ منه ». (٢)
ظاهر الرواية أنّ الدم أصاب الماء الموجود في الإناء ، والإمام فصّل بين المستبان وغيره فأمر بعدم التوضئ في الأوّل دون الثاني ، وعندئذ تكون الرواية دليلاً على عدم انفعال الماء القليل بالدم الذي لا يُدرك بطرف العين ، وتكون عندئذ مُعرضاً عنها ، لكن عمل بها الشيخ فأفتى بالعفو عمّا لا يدركه الطرف من الدم.
ولما كان مضمون الرواية مخالفاً لما ذهب إليه المشهور من انفعال الماء القليل مطلقاً بإصابة الدم مُدرَكاً كان أو لا ، حملها الشيخ الأنصاري على أنّ إصابة الإناء لا يستلزم إصابة الماء ، فهو عالم بإصابة الدم على الإناء إمّا نفسه أو باطنه الحاوي للماء ، ثمّ جعله دليلاً على مدّعاه في المقام حيث إنّ عدم تنجيز العلم الإجمالي في المقام لأجل خروج بعض الأطراف ـ أعني : الإناء ـ عن محلّ الابتلاء ، وإن كان الطرف الآخر محلاً له.
يلاحظ عليه : أنّ هذا التفسير مخالف لظاهر الرواية ، فإنّ إصابة الإناء كناية عن إصابة الماء الموجود فيه ، وعندئذ ينطبق على مختار الشيخ الطوسي.
__________________
١. رواه الكليني عن شيخه الثقة محمد بن يحيى ، عن العمركي; وهو العمركي بن علي البوفكي ، شيخ من أصحابنا ثقة كما قال النجاشي ، عن علي بن جعفر الثقة عن أخيه موسى بن جعفر عليهماالسلام ، وما ربّما يقال إنّه ضعيف ، لا وجه له.
٢. الوسائل : الجزء ١ ، الباب ٨ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١.