والأكثر مصداقاً فالابتلاء له مصداق قطعي ، كما إذا دار أمر الماء بين الإناءين الّذين يريد استعمال مائهما ومصداق مشكوك لأجل إجمال مفهوم الابتلاء ، كما في المثال المزبور ، نظير عنوان الفاسق إذا خُصِّص به عموم أكرم العلماء فمرتكب الكبيرة فاسق قطعاً ، ومرتكب الصغيرة مشكوك جدّاً ، فهل المرجع في الثاني إطلاق العام أو أصل البراءة؟
ذهب الشيخ الأعظم إلى أنّ المرجع إطلاقات الخطابات ، وقال : إنّ الخطابات بالاجتناب عن المحرمات مطلقة غير معلقة ، والمعلوم تقييدها بالابتلاء في موضع العلم بتقبيح العرف توجيهها من غير تعليق بالابتلاء. وأمّا إذا شكّ في قبح التنجيز ، فيرجع إلى الإطلاقات ، فالأصل في المسألة وجوب الاجتناب إلا ما علم عدم تنجز التكليف بأحد المشتبهين على تقدير العلم ( التفصيلي ) بكونه الحرام. (١)
أقول : إنّ الخارج عن تحت العام ليس خصوص ما علم بتقبيح العرف توجيهها من غير تعليق بالابتلاء ، بل خصوص ما كان الخطاب فيه قبيحاً في نظر العقلاء في الواقع سواء علمنا قُبْحَه أو لا.
وعند ذلك فإذا تردد الأمر بين كون الخطاب مستهجناً فيه أو غير مستهجن فيدور أمره بين بقائه تحت العام وخروجه عنه ، ومعه كيف يصحّ التمسك بالخطاب؟ والعجب أنّ الشيخ قد سلك في المقام خلاف ما سلكه في المواقع الأُخرى.
فإذا شكّ في سعة مفهوم العام المخصص وضيقه مثل قولك : أكرم العالم غير الفاسق ، حيث دار أمره بين مرتكب خصوص الكبيرة أو الأعمّ منه ومن الصغيرة ، وبالتالي شكّ في خروج زيد ـ المفروض انّه مرتكب للصغيرة ـ عن تحت
__________________
١. الفرائد : ٢٥٢.