يكفي حجّة عليه ، نظير ما إذا شكّ في قدرته على الإتيان بالمأمور به وعدمها بعد إحراز كون ذلك الفعل موافقاً لغرض المولى ومطلوباً له ذاتاً ، وليس له أن لا يُقْدم على الفعل بمجرّد الشكّ في الخطاب الناشئ من الشكّ في قدرته. والحاصل أنّ العقل بعد إحراز المطلوب الواقعي للمولى أو مبغوضه لا يرى عذراً للعبد في ترك الامتثال. (١)
وأظن انّ الجواب للسيد المحقّق الفشاركي ـ أُستاذ المحقّق الحائري ـ بشهادة وجود ما يقرب من هذا الجواب في تقريرات المحقّق النائيني ، وقد تتلمذا على السيـد الفشاركي ـ قدس اللّه أسرارهم ـ ، فقد جاء في تقريرات الثاني : انّ القدرة العقلية والعادية ليست من الشرائط التي لها دخل في ثبوت الملاكات النفس الأوّلية ، بل هي من شرائط حسن الخطاب ، لقبح التكليف عند عدمها ، ولكن الملاك محفوظ في كلتا الصورتين : وجود القدرة وعدمها ، والعقل يستقل بلزوم رعاية الملاك وعدم لغويته مهما أمكن ، ومع الشكّ في القدرة تلزم رعاية الاحتمال تخلّصاً عن الوقوع في مخالفة الواقع ، كما هو الشأن في المستقلات العقلية ، فلو صار المشكوك فيه طرفاً للعلم الإجمالي يكون حاله حال سائر موارد العلم الإجمالي بالتكليف من حيث حرمة المخالفة القطعية ، ولا يجوز إجراء البراءة في الطرف الذي هو داخل في محلّ الابتلاء. (٢)
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ لازم هذا البيان الاجتناب عن الطرف المشكوك حتى في ما إذا علم خروج الطرف الآخر عن محلّ الابتلاء قطعاً ، للتحفظ على الملاك بقدر ما أمكن ، وهؤلاء لا يقولون به.
وثانياً : انّ العلم بالملاك مع الشكّ في حسن الخطاب ، يحتاج إلى دليل ، لأنّ
__________________
١. درر الأُصول : ٢ / ١٢١.
٢. الفوائد : ٤ / ٥٥.