يلاحظ عليه : مضافاً إلى أنّ الرواية ضعيفة السند وإن كان يلوح عليها أثر الصدق بأنّ وجه التركيز على الفأرة والميتة مكان التركيز على السمن والزيت لأجل تفسّخ الميتة في السمن والزيت وانحلالها فيه ، فكان أكلها ملازماً لأكله.
أضف إلى ذلك انّ دلالة الرواية لا تخرج عن حدّ الإشعار ، ولعلّ التركيز على الأمرين مكان السمن والزيت لأجل الحفاظ على الانسجام بين كلام الراوي والإمام عليهالسلام حيث إنّ الراوي لمّا قال : الفأرة أهون علي ، فركّز الإمام على الفأرة وأجاب : بأنّ عدم الاعتناء بها ليس استخفافاً بها وإنّما هو استخفاف بالدين ، ثمّ قال : كيف تقول الفأرة أهون مع أنّ اللّه حرّم الميتة من كلّ شيء.
على أنّ التدقيق في الرواية يرشدنا إلى أنّها بصدد أمر آخر ، وهو انّ الراوي تعجب من أن تكون الفأرة الصغيرة سبباً لحرمة زيت أو سمن الخابية ، فأجاب الإمام عليهالسلام بأنّ اللّه حرّم الميتة من كلّ شيء من غير فرق بين الصغير والكبير ، وأمّا كون نجاسة الملاقي من شؤون الملاقى أو فرد آخر فليس بصدد بيانه.
إلى هنا تمّ دراسة قول ابن زهرة ، وإليك دراسة دليل المشهور ، فيدل على قولهم أُمور :
١. قوله عليهالسلام في الخبر المستفيض : « وإذا كان الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء » (١) فإنّ مفهومه انّه إذا لم يبلغ الماء قدر كرّ ينجسه شيء ، وظاهره هو العلّية وصيرورة الملاقي موضوعاً لأحكام النجاسة لا انّ نجاسة الملاقي نفس نجاسة ذلك الشيء ومن توابعها وشؤونها وأطوارها.
٢. انّ الظاهر من مطهرية الماء والأرض والشمس هو كون مسألة الطهارة والنجاسة داخل تحت عنوان السببية والعلّية ، فالمطهرات علّة لزوال النجاسة ، كما أنّ النجاسات سبب لعروضها على شيء.
__________________
١. الوسائل : ١ / ١٧ ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١ ، ٢ و ٥.