القول بالتفصيل للمحقّق الخراساني
إلى هنا عرفت دليل القولين ، أعني : وجوب الاجتناب وعدمه ، وإليك دليل القائل بالتفصيل الذي اختاره المحقّق الخراساني في كفايته وحاصل كلامه : إنّ هنا صوراً ثلاث :
الأُولى : ما يجب فيه الاجتناب عن الطرف والملاقى دون الملاقي ، وذلك فيما إذا كان العلم الإجمالي متقدماً على الملاقاة والعلم بها ، وهذا هو الذي فرغنا من البحث فيه ووجهه واضح كما تقدّم بالبيانين السابقين.
أ : انّ العلم الإجمالي بنجاسة الملاقي أو الظرف الآخر غير منجِّز لأنّه لا يحدث التكليف على كلّ تقدير ، لأنّ الطرف الآخر كان واجب الاجتناب فلا يجري فيه الأصل ويجري في الملاقي بلا معارض.
ب : ما اعتمد عليه الشيخ الأنصاري من تقدّم جريان الأصل في السببي أي الملاقى على المسببي أي الملاقي فإذا تعارض الأصلان في ناحية السببي تصل النوبة حينها إلى المسببي فتجري بلا معارض.
الثانية : (١) مايجب فيه الاجتناب عن جميع الأطراف : الملاقى والملاقي والطرف الآخر. وذلك إذا علم بالملاقاة ، ثمّ حدث العلم الإجمالي بنجاسة الملاقى أو الطرف الآخر فعندئذ يحدث العلم الإجمالي متعلّقاً بالجميع وتكون الثلاثة معاً طرفاً للعلم.
الثالثة : ما يجب فيه الاجتناب عن الملاقي والطرف الآخر دون الملاقى.
وقد مثّل لذلك مثالين :
__________________
١. هذه هي الصورة الثالثة في كلام المحقّق الخراساني قدمناها لأجل وضوح حكمها بخلاف الصورة الآتية التي جاءت في كلامه لبيان الصورة الثانية فإنّ فيها غموضاً بياناً وإشكالاً.