وبذلك يعلم عدم صحّة الشبهة الحيدرية التي حاولت إثبات وجوب الاجتناب عن الملاقي ، ببيان جديد ، وحاصلها : انّ كلاً من الطرف والملاقى والملاقي ( بالكسر ) صالح لجريان أصلين في كلّ واحد منها :
١. أصالة الطهارة ٢. أصالة الحلية.
ومنشأ الشكّ في الحلّية ، هو الشكّ في طهارته ، فلو ثبتت طهارته ، ثبتت حليته ، كما لو ثبتت نجاسته ، ثبتت حرمته.
وعلى ذلك فأصالة الطهارة في الطرف والملاقى ( بالفتح ) في رتبة واحدة.
ولكن أصالة الطهارة في الملاقي في مرتبة ثانية.
كما أنّ أصالة الحلية في الطرف الآخر هي أيضاً في رتبة متأخرة.
وعندئذ فأصالة الطهارة في الملاقي ( بالكسر ) وإن كان لا يعارض أصالة الطهارة في الملاقى لما عرفت من أنّ الأصل يجري في الملاقى في رتبة متقدمة على الأصل الجاري في الملاقي ، لكن أصالة الحل في جانب الطرف الآخر مع أصالة الطهارة في الملاقي في درجة واحدة فيتعارضان ويتساقطان ، وتكون النتيجة انّ الطرف الآخر يكون محكوماً بالحرمة ، كما يكون الملاقي محكوماً بالنجاسة.
وجه عدم الصحّة : انّ التعارض مبني على حفظ الرُّتَبِ في جريان الأُصول وانّ أصالة الطهارة تجري في الملاقى وطرفه قبل جريانها في الملاقي ، ثمّ في مرتبة متأخّرة تجري فيه أصالة الطهارة التي تعارضها أصالة الحلية في الطرف الآخر بما أنّـها أيضاً في درجة ثانية ، لأنّـها مسببة من أصالة الطهارة فيه.
وقد عرفت أنّ الموضوع لقوله : « كلّ شيء طاهر ، كلّ مشكوك » في زمان واحد والمفروض انّ الملاقى مشكوك الطهارة والحلية في عرض الشكّ في الطرفين.
والجواب ما ذكرناه فلاحظ.