الثاني : في شرطية العزم على الإتيان بالجميع في صدق الامتثال
ذهب الشيخ في الشبهات البدئية إلى أنّه يكفي في تحقّق الامتثال مجرد قصد الأمر المحتمل ولكنّه اشترط في الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي لزوم قصد امتثال الأمر المعلوم بالإجمال على كلّ تقدير ، ولازمه أن يكون المكلّف حال الإتيان بأحد المحتملين ، قاصداً للإتيان بالآخر ، ولولا ذلك لا يتحقّق قصد امتثال الأمر المعلوم بالإجمال على كلّ تقدير ، قال : إنّ النيّة في كلّ من الصلوات المتعدّدة بالنحو التالي : ينوي في كلّ منهما فعلها احتياطاً لإحراز الواجب الواقعي المردّد بينها وبين صاحبها تقرباً إلى اللّه على أن يكون القرب علّة للإحراز الذي جعل غاية للفعل ، ويترتّب على هذا انّه لابدّ من أن يكون حين فعل أحدهما عازماً على فعل الآخر إذ النيّة المذكورة لا تتحقق بدون ذلك ، لأنّ من قصد الاقتصار على أحد الفعلين ليس قاصداً لامتثال الواجب الواقعي ، على كلّ تقدير بل هو قاصد لامتثاله على تقدير مصادفة هذا المحتمل له لا مطلقاً. (١)
يلاحظ عليه : أنّ اللازم في امتثال الأُمور العبادية هو الإتيان بها لأجله سبحانه ، إمّا لأجل أمره قطعياً كان أو احتمالياً ولأجل ذلك يصح الاغتسال للجنابة وإن لم يعلم بها ، وهذا الملاك متحقّق في الأمرين الّذين يعلم بوجوب أحدهما ، وما ذكره من « أنّه يجب أن يأتي لإحراز الواجب الواقعي تقرباً إلى اللّه وهو لا يتحقّق عند الاقتصار بأحد الفعلين » غير تامّ ، لأنّ لإحراز الواجب مرتبتين ، تارة تكون الغاية من الإتيان ، هو الإحراز على كلّ تقدير ، وأُخرى الإحراز على بعض التقادير ، وعلى كلّ تقدير فهو بصدد إحراز الواجب لأجله سبحانه غير انّ الإحراز تارة يكون قطعياً وأُخرى ظنّياً والإحراز الظنّي قسم منه.
__________________
١. الفرائد : ٢٧٠ و ٢٧١ ، طبعة رحمة اللّه.