الثاني : الأقل واجب إمّا استقلالي أو ضمني
إنّ الكل واجب بوجوب استقلالي ، والأجزاء واجبة بوجوب ضمني ، وعلى هذا لو كان الواجب هو الأقل يكون وجوبه استقلالياً ولو كان الواجب هو الأكثر يكون وجوبه ضمنياً واجباً في ضمن الأكثر ، وعلى كلّ تقدير يكون التكليف بالأقل معلوماً ، والعقاب على تركه عقاباً مع البيان.
والحاصل انّ هنا أمراً واحداً متعلّقاً بالمركب بما هو هو ، غير انّ انبساط الأمر عليه يوجب وجوب كلّ جزء جزء بوجوب ضمني ، والأمر الضمني هو مقتضى انبساط الأمر على الأجزاء ، ولذلك يكون الآتي بكلّ جزء موجباً لسقوط الأمر الضمني المتعلّق ، دون الأمر المتعلّق بالمركب ، على ذلك يكون العقاب على ترك المركب لأجل ترك الأجزاء المعلومة ( الأقل ) عقاباً مع البيان لكن العقاب على تركه بترك الجزء المشكوك ، عقاباً بلا بيان. (١)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ لازم أو صريح ذلك التقريب وجود أمرين في كلّ مركب أحدهما استقلالي والآخر ضمني ، ويتعدّد الضمني حسب تعدّد الأجزاء لكنّه غير تام ، وذلك لأنّ الإتيان بالأجزاء بنفس دعوة الأمر المتعلّق بالكلّ لا بأمر ضمني كما في التقرير الثاني ولا بأمر غيري كما في التقرير الأوّل ، بل بنفس الأمر المتعلّق بالمركب.
فإذا قال المولى : ابن مسجداً ، فالإتيان بالمواد الأوّلية ووضعها في مكانها إنّما هو بدعوة الأمر ببناء المسجد ويعد امتثالاً لذلك الأمر المتعلّق بالعنوان ، لكن امتثالاً تدريجياً وليس لبنائه حقيقة وراء الامتثال التدريجي.
__________________
١. نسبه المحقّق الخوئي في مصباح الأُصول : ٢ / ٤٢٨ إلى الشيخ الأنصاري ، ولم أعثر عليه في كلماته ، نعم كان سيد مشايخنا المحقّق البروجردي يعتمد على ذلك الوجه في درسه الشريف.