المقدّمة الرابعة
إنّ دعوة الأمر إلى إيجاد الأجزاء إنّما هو بعين دعوتها إلى الطبيعة لا بدعوة مستقلة ولا بدعوة ضمنية ولا بأمر انحلاليّ ولا بحكم العقل الحاكم بأنّ الإتيان بالكل لا يحصل إلا بالإتيان بالأجزاء ، وذلك لأنّ الطبيعة تنحل إلى الأجزاء انحلال المجمل إلى مفصَّله ، المفروض انّها عين الأجزاء لكن في لحاظ الوحدة ، لا شيئاً آخر ، فالدعوة إلى المركب الاعتباري عين الدعوة إلى الأجزاء ، مثلاً الأمر بصيام عشرة أيام نفس الأمر بصوم هذا اليوم وذاك اليوم ، كما أنّ الدعوة إلى رفع الجدار بنفس الدعوة إلى بناء البيت لا بدعوة ثانية ، والأمر كما هو حجّة على إيجاد الكلّ فهو بنفسه حجّة على إيجاد الجزء ، كما أنّ القيام بكلّ جزء جزء تدريجياً امتثال لنفس الأمر بالكل ، وليس امتثالاً للأمر الضمني المتعلّق به كما قيل والامتثال كما يكون فورياً ، يكون تدريجيّاً أيضاً.
المقدّمة الخامسة
إنّ مصب الوجوب إنّما هو نفس العنوان لا ذات الأجزاء المردّدة بين الأقل والأكثر بنعت الكثرة وإن كان العنوان عين الأجزاء في لحاظ الوحدة ، ومع ذلك فمتعلّق الأمر إنّما هو العنوان.
نعم التعبير بأنّ الواجب دائر بين الأقل والأكثر يومي إلى تعلّق الحكم بالأجزاء رأساً وانّ الواجب بذاته مردّد بينهما ، وهو خلاف التحقيق ، بل الحكم تعلّق بعنوان غير مردّد في نفسه بين القليل والكثير ، وإن كان ما ينحل إليه العنوان مردّداً بينهما.
إذا عرفت هذه المقدّمات يتضح لك جريان البراءة العقلية.
وذلك لأنّ الحجّة قامت على وجوب العنوان نحو قوله : ( أَقم الصلاة ) ،