وقيام الحجّة عليه نفس قيامها على الأجزاء ، لما عرفت من نسبتها إليه ليس من قبيل نسبة المحصَّل إلى المحصِّل ، بل نسبة المفصَّل إلى المجمل ، لكن الاحتجاج بالأوّل على وجوب الأجزاء إنّما يصحّ فيما إذا علم انحلاله إلى جزء وجزء حتى يكون داعياً إليه ، وأمّا مع الشكّ من كونه جزءاً لا يكون الأمر به حجّة عليها وداعياً إليها ضرورة انّ قوام الاحتجاج بالعلم ، والعلم بتعلّق الأمر بالمركب ، إنّما يكون حجّة على الأجزاء التي علم بتركب المركب إليها دونما ما لا يكون.
وإن شئت نزّل المقام على ما إذا تعلّق الأمر بالأجزاء بلا توسط عنوان ، فكما أنّه لا يحتج إلا على الأجزاء المعلومة دون المشكوكة ، فهكذا المقام فإنّ الأمر وإن تعلّق بالعنوان مباشرة دونها ، لكن عرفت أنّ نسبة العنوان إليها نسبة المجمل إلى المفصل ، فالأجزاء في مرآة الإجمال عنوان ، وفي مرآة التفصيل أجزاء.
والحاصل أنّ العبد إذا بذل جهده للعثور على الأجزاء ، التي ينحلّ العنوان إليها ، فلم يقف إلا على التسعة منها دون الجزء العاشر المحتمل ، يستقل العقل بأنّه ممتثل حسب قيام الحجّة ويعدّ العقاب على ترك الجزء المشكوك عقاباً بلا بيان.
فإن قلت : إنّ الحجّة قد قامت على العنوان الإجمالي فلابدّ من الإتيان بالأكثر حتى يحصل العلم بالإتيان لما قامت الحجّة عليه ، وبالجملة إذا قام الدليل على وجوب عنوان ، مجمل يجب علينا العلم بالبراءة العقلية وهي رهن الإتيان بالأكثر.
قلت : الإشكال مبني على الخلط بين المقام والشك في المحصِّل ، فانّ ما ذكرته صحيح في الثاني حيث إنّ المحصِّل كالغسلات والمسحات ، غير المحصَّل كالطهارة النفسانية ، ولو شككنا في اعتبار شيء في المحصِّل بنحو لولاه ، لما حصل المحصَّل ، يحكم العقل بالاشتغال إلا إذا أتى بالمشكوك ، وهذا بخلاف المقام فانّ