فإن قلت : هذا إذا كان السبب عقليّاً ، أو عاديّاً ، كما إذا أمر المولى بقتل المرتد ، ودار السبب بين ورود ضربة عليه أو ضربتين ، أو أمر بتنظيف البيت ، ودار أمره بين كنسه فقط ، أو كنسه ورشّه ، ففي تلك الموارد يجب الاحتياط ، إذ ليس بيان السبب من وظائف الشارع ، وأمّا إذا كان السبب شرعيّاً ، كالوضوء بالنسبة إلى الطهور فتجري فيه البراءة وتحكم بعدم دخله في السبب.
قلت : إنّ أصالة البراءة وإن كان يعالج الشكّ في ناحية السبب فيحكم بعدم دخله في السببية ، لكن لا يعالج الشكّ في ناحية المسبب ، فالشكّ فيه باق بحاله فالعقل يحكم بأنّ ذمة المكلّف مشغولة بالمفهوم المبيّن ، ولا يحصل الفراغ إلا بضم المشكوك إلى المتيقن.
فإن قلت : إنّ الشكّ في تحقّق الظهور وعدمه ناجم من شرطية غسل الاذن في المسبب وعدمها ، فإذا جرى الأصل في ناحية السبب ، وقلنا بأنّ شرطية غسل الاذن مجهولة مرفوعة بحديث الرفع لا يبقى شكّ في ناحية المسبب وانّه حاصل قطعاً.
قلت : إنّ الأصل السببي إنّما يكون حاكماً على الأصل المسببي إذا كان هناك دليل اجتهادي يتخذ نتيجة الأصل السببي صغرى لنفسه فيتركب الدليل من صغرى وكبرى ويكون الكبرى حاكماً على الأصل المسببي ، وهذا كما في المثال المعروف : إذا غسل النجس ، بماء مستصحب الطهارة ، فانّ استصحاب طهارة الماء حاكم على استصحاب نجاسة الثوب ، وذلك لأنّ الشكّ في بقاء النجاسة وعدمه نابع عن طهارة الماء ، فإذا كان الماء محكوماً بالطهارة ، والثوب النجس مغسولاً به ، يكون مفاد الأصل السببي صغرى لكبرى اجتهادية ، ويقال هذا الثوب النجس غسل بماء طاهر ( بحكم الاستصحاب ) وكلّ نجس غسل بماء طاهر فهو طاهر وهذا هو الكبرى ، فينتج هذا الثوب المغسول بماء طاهر طاهر ،