ولكن ربما يتعلّق الأثر لا بالمتعلّق بما هو هو بل بما تعلّق به القطع ، كما إذا قال : إذا قطعت بخمرية شيء فتصدق ، ففي مثل ذلك لو كان التنزيلان في عرض واحد يلزم ما تصور من المحال ، وأمّا إذا كان التنزيلان لا في عرض واحد بل كلّ في طول الآخر فلا مانع من دلالة الدليل الواحد على كلا التنزيلين ، أي تنزيل القطع التعبدي ( الاستصحاب ) منزلة القطع الواقعي ، وتنزيل الخمر التعبدي منزلة الخمر الواقعي ، ولكن لا في زمان واحد بل في زمانين ، لأنّه إذا دلّ الدليل على أنّ الشارع نزّل الخمر التعبدي منزلة الخمر الحقيقي فهو كاشف عن أنّه نزل القطع التعبدي مكان القطع الحقيقي من ذي قبل ، وإلايلزم أن يكون التنزيل الأوّل لغواً ، إذ لا يترتب الأثر على إحراز أحد الجزءين والحكيم منزّه عن اللغوية ، وحيث إنّ أحد التنزيلين في طول الآخر لا يلزم الجمع بين اللحاظين في آن واحد.
هذا عصارة ما ذكره في الحاشية. (١)
ثمّ إنّه أورد عليه في الكفاية بأنّه لا يخلو عن التكليف أوّلاً والتعسف ثانياً.
أمّا التكلّف ، فلعدم الملازمة العرفيّة بين تنزيل أحد الجزءين وتنزيل الجزء الآخر ، ولا ينتقل الإنسان من تنزيل أحدهما إلى أنّه قام بالتنزيل بالنسبة إلى الجزء الآخر قبل ذلك.
وأمّا التعسف فلاستلزامه الدور لأنّ التنزيل فعل شرعي اعتباري والعمل الاعتباري إنّما يصحّ إذا كان له أثر شرعي والمفروض انّ الأثر غير مترتب على واحد من التنزيلين بل على كليهما معاً ، فعند ذلك مهما أقدم الشارع على تنزيل
__________________
١. التعليقة : ص ٩ ، وقد ألّفها قبل الكفاية بسنين ، كما يظهر من تاريخ فراغه عن بعض أجزائه ، فقد فرغ من التعليق على مبحث التعادل والترجيح عام ١٢٩١ هـ ، لاحظ ص ٢٨٩ من الطبعة الحجرية.