وعلى أيّ حال فالرواية عندنا مرسلة وعند غيرنا مسندة ينتهي سندها إلى أبي هريرة الذي لا يركن إلى رواياته ، ولكن إتقان المضمون يشهد على صدقه ولذلك يعلوه سمو النبوة ونورها.
وأمّا الدلالة فالظاهر أنّها غير صالحة للاستدلال به للمقام بوجهين :
١. موردها الحجّ على ما عرفت ، فيكون دليلاً على لزوم الإتيان في ذوي الأفراد ، لا في ذوي الأجزاء خصوصاً انّ النسائي رواه : « فخذوا به » مكان « فأتوا منه » ، والأوّل صريح في ذوي الأفراد ، هذا لو فسرنا الرواية بملاحظة الصدر أمّا مع الغض عنه فنقول : قوله : « فأتوا به ما استطعتم » فيه احتمالات :
فإنّ لفظة « ما » إمّا مصدرية ، أو موصولة.
وعلى الأُولى إمّامصدرية غير زمانية ، أو مصدرية زمانية ، و « من » للتعدية بمعنى « الباء » وعلى الثانية فلفظة « من » إمّا بيانية أو تبعيضية.
فتلك احتمالات أربعة :
١. أن تكون مصدرية غير زمانية والجار بمعنى الباء للتعدية : نظير قوله سبحانه : ( فَاتَّقُوا اللّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ). (١) أي فأتوا به قدر الاستطاعة ، وتكون النتيجة محبوبية تكرار العمل الواجب أو المستحب بقدر الوسع ، ولا صلة لهذا المعنى بالمقام.
٢. أن تكون مصدرية زمانية فالجار أيضاً بمعنى الباء للتعدية مثل الأُولى ، ويكون المعنى فأتوا به زمان الاستطاعة ، وهذا خيرة السيد الأُستاذ والمحقّق الخوئي ، وعندئذ يكون إرشاداً لحكم العقل ولا يفيد معنى جديداً.
٣. أن تكون « ما » موصولة مفعولاً لقوله : « فأتوا » والجار بيانيّة والمعنى فأتوا
__________________
١. التغابن : ١٦.