لاستقلال العقل بذلك ، فلو ترك أو تساهل في التعلم وانتهى إلى ترك الواجب يعدُّ مقصراً في مجال المولوية والعبودية ، ولأجل ذلك أفتى الفقهاء بوجوب تعلّم أحكام الشكوك المتعارفة التي تعم بها البلوى.
وبالجملة المقدمات المفوِّتة لغرض المولى يحكم العقل بوجوب تحصيلها وإن لم تكن واجبة شرعاً ، لأنّ حفظ غرض المولى ليس بأقل من حفظ غرض العبد فكما هو يقدم على المقدمات المفوتة في محلها فكذلك في أغراض المولى.
ولذلك يجب على الجنب ، الغسل قبل الفجر لأجل عدم إمكان درك الفجر بالطهارة إلا بالإتيان به قبل وجوب ذيه ، كما أنّه يجب السير إلى الحج قبل الموسم لأجل عدم إمكان امتثال أمر المولى إلا بالسير قبله ، ففي جميع تلك الموارد يحكم العقل بلزوم تحصيل المقدمة المفوتة.
هذان الجوابان موافقان للتحقيق غير أنّ الجواب الأوّل مبني على وجوب المقدمة ، دون الثاني فأنّه يمشي وإن لم تكن المقدمة واجبة.
الوجه الثالث : إرجاع الواجب المشروط إلى المعلّق
وحاصل هذا الوجه ، هو إرجاع الواجب المشروط إلى الواجب المعلّق الذي يكون الوجوب فيه فعلياً والواجب استقبالياً.
وعلى ذلك فوجوب صلاة الظهر قبل دلوك الشمس فعلي وإن كان الواجب استقبالياً ، كما التزم بعضهم به في الحجّ وأنّ الوجوب قبل موسم الحجّ فعلي وإن كان الواجب استقبالياً ، وعلى ذلك يجب تحصيل المقدمات لكون الوجوب فعلياً.
فإن قلت : إرجاع الواجب المشروط إلى الواجب المعلق ، يوجب لزوم تحصيل عامة المقدمات قبل الوقت ، سواء كانت المقدمة علمية كالتعلم ، أو وجودية