الأنصار خاصمه إلى النبي في شراج (١) من الحرة كانا يسقيان بها النخل كلاهما ، فقال النبي للزبير : « إسق ثمّ أرسل إلى جارك » ، فغضب الأنصاري وقال : يا رسول اللّه لئن كان ابن عمتك .... (٢)
فانّ خطاب الأنصاري للنبي كشف عن عدم تسليمه لقضائه وإن لم يخالف عملاً ، وبذلك يعلم أنّ المراد من الجحد هو الجحد القلبي وعدم التسليم لمقتضى البرهان لا الجحد اللفظي ، فالفراعنة أمام البيّنات التي أتى بها موسى كانوا :
١. عالمين بنبوة موسى وهارون.
٢. غير مسلِّمين قلباً ، مستكبرين جناناً.
وممّا يؤيّد إمكان فصل الإيمان عن العلم ، هو انّ الإنسان العادي يخاف من الإنسان الميت ، ولكن الغسال يتعامل معه معاملة الإنسان العادي ، فالإنسان العادي ، عالم بأنّ الميت لا يضر ولكنه ليس بمؤمن بخلاف الغسال ، فظهر بذلك انّ للنزاع معنى معقول.
وأمّا حكمها فهناك احتمالات :
الف. التسليم القلبي والانقياد الجناني لكلّ ما جاء به النبي في مجال العقيدة والشريعة ، فلا شكّ انّه محقّق الإيمان ومن أركانه.
ب. الانقياد والتسليم القلبي في القربيات والتعبديات عند الإتيان بها فهذا أيضاً لا غبار في وجوبه ، لعدم تمشي القربة ، مع عدم الانقياد والالتزام بأنّه حكم اللّه سبحانه في الواقعة.
__________________
١. مسيل الماء من الحرّة إلى السهل ، و « الحرّة » : الأرض ذات الحجارة.
٢. الطبرسي : مجمع البيان : ٢ / ٦٩.