لاستلزامه وجود حكمين متناقضين في الشريعة ، حيث يقول الدم نجس وفي الوقت نفسه ينهاه عن العمل بقطعه بأنّ هذا دم.
نعم لو أراد عدم كفايته في الحكم بصحّة العمل بعد انكشاف الخلاف ، كما إذا قطع بدخول الوقت وتبيّن عدم دخوله ، فيحكم عليه بالبطلان ، كان له وجه ، ولكن لا فرق عندئذ بين القطّاع وغيره.
وأمّا الثاني : أي القطع الموضوعي ، فبما انّ القطع جزء الموضوع فللمقنن التصرف في موضوع حكمه ، فيصح جعل مطلق القطع جزءاً للموضوع كما يصحّ جعل القطع الخاص جزءاً له ـ أي ما يحصل من الأسباب المتعارفة ـ فللنهي عندئذ له مجال ، فإذا قطع بأسباب غير عادية فللشارع النهي عن العمل به ، لأنّ المأخوذ في الموضوع غيره.
ثمّ لو وقف الإنسان على خطأ القاطع ـ قطاعاً كان أم غيره ـ في الأحكام ، والموضوعات ، فهل يجب على الغير إرشاده أو لا؟ فالظاهر وجوبه في مورد الجهل بالأحكام بالنظر إلى أدلّة إرشاد الجاهل من غير فرق بين البسيط والمركب ، وأمّا الموضوعات فلا شكّ في عدم وجوب إرشاده إلا في مهام الأُمور كالدماء والأعراض والأموال الطائلة.
هذا كلّه حول القطاع.
أمّا الظنّان فيمكن للشارع سلب الاعتبار عنه من غير فرق بين كونه طريقاً محضاً إلى متعلقه ، أو مأخوذاً في الموضوع والفرق بينه وبين القطع واضح ، لأنّ حجّية الظن ليست ذاتية له وإنّما هو باعتبار الشارع ، وجعله حجّة في مجال الطاعة والمعصية ، وعليه يصحّ النهي عن العمل به مطلقاً من غير فرق بين كونه طريقيّاً محضاً أو موضوعيّاً.
ثمّ إنّ ظنّ الظنّان يكون محكوماً بحكم الشك ، وإليك التوضيح بمثالين :