من تحقّق الأذيّة والمنع ودوام السخط .
وكأنّ هؤلاء الذين نقلوا ما أشرنا إليه لم يلتفتوا إلى شيء ممّا يرد على ذلك ، فنقلوا ما نقلوا صريحاً ، فهم حينئذٍ لا مفرّ لهم إلاّ قبول ما اشتملت عليه مضامينها لاسيّما المرويّات في صحاحهم خصوصاً الصحيحين ولا أقلّ من قبول حصول أصل التأذّي ودوامه كما ظهر(١) .
نعم ، بعض الواجدين منهم : حيث أدرك بعض المفاسد ولم يمكنه إنكار أصل القضيّة أسقط من بعض ما نقله ما كان صريحاً في دوام غضبها ، بل موّه في النقل بذكر ما يشعر بعدم الغضب ، غفلةً منه من أنّ مثل هذا لا ينفع في مقابل تلك المعارضات القويّة كثرةً وسنداً ودلالةً ، وأنّ للخصم أن يقول : إذا ورد عندكم بغير إسناد واحد لاسيّما في صحاحكم خصوصاً صحيحي البخاري ومسلم معاً ما يكون صريحاً في شيء لا يجوز لكم غير حمل المجمل عليه ، بل ولو كان المعارض صريحاً أيضاً للخصم أن يلزمهم بأنّ لي أن لا أقبل منكم إلاّ ما اشتمل على الإقرار منكم بما هو مطلوبي ؛ ضرورة كون إقرار الخصم حجّة عليه ، بل له أن يقول أيضاً : إنّي أحتجّ عليكم بما هو منقول عندكم موافقاً لما هو المنقول عندي ؛ لكونه حينئذٍ ممّا اجتمع(٢) عليه الفريقان لاسيّما إذا كان مضمون ذلك المنقول عندكم مستفيضاً لديكم أيضاً ، بل مذكوراً(٣) بعضه في صحاحكم مؤيّداً بغيره مقروناً بالقرائن الداخلة والخارجة ، خصوصاً إذا استشممنا من الذي أجملتم فيه روائح التصرّف والتغيير أو نحو ذلك ، كما أشرنا إلى نبذ ممّا هو من هذا
____________________
(١) انظر : ص ٣٢٠ وما بعده .
(٢) في «م» : «احتج» بدل «اجتمع» .
(٣) في «م» : «هو مذكور» بدل «مذكوراً» .