الثاني : في المستقبل ، ويجب الاستقبال في الصلاة مع العلم بجهة القبلة ، فإن جهلها عوّل على الأمارات المفيدة للظن.
______________________________________________________
بعيد ، إذا العلامات المنصوبة للجهة لا تقتضي وقوع الصلاة على نفس الحرم.
هذا وقد نقل عن أفضل المحققين نصير الملة والدين قدس الله روحه (١) : أنه حضر مجلس المصنف يوما فجرى في درسه هذه المسألة فأورد عليها إشكالا حاصله : إنّ التياسر أمر إضافي لا يتحقق إلا بالإضافة إلى صاحب يسار متوجه إلى جهة ، فإن كانت تلك الجهة محصّلة لزم التياسر عما وجب التوجه إليه وهو حرام لأنه خلاف مدلول الآية ، وإن لم تكن محصلة لزم عدم إمكان التياسر ، إذ تحققه موقوف على تحقق الجهة التي يتياسر عنها فكيف يتصور الاستحباب.
وأجابه المصنف في الدرس بما اقتضاه الحال ثم كتب في ذلك رسالة استحسنها المحقق الطوسي.
وحاصل الجواب : إنّ التياسر عن تلك الجهة المحصلة المقابلة لوجه المصلي حال استعمال تلك العلامات المنصوبة لذلك استظهار في مقابلة الحرم ، لأن قدر الحرم عن يمين الكعبة يسير وعن يسارها متسع كما دلت عليه الرواية التي استند إليها الأصحاب في ذلك (٢). وحيث ظهر ضعف هذا المستند وما بنى عليه كان الإعراض عن هذا الحكم وتحريره أقرب إلى الصواب.
قوله : ( ويجب الاستقبال في الصلاة مع العلم بجهة القبلة ، فإن جهلها عوّل على الأمارات المفيدة للظن ).
أما وجوب الاستقبال في الصلاة مع العلم بجهة القبلة فظاهر ، لقوله تعالى ( فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (٣) والعلم يتحقق بالمعاينة (٤) ، والشياع ،
__________________
(١) المهذب البارع ١ : ٣١٢.
(٢) المتقدمة في ص ١٣٠.
(٣) البقرة : ١٤٤ ، ١٥٠.
(٤) في الأصل وباقي النسخ الخطية : بالمعاشرة. وفي « ح » : بالمعاشرة فيه وما أثبتناه من نسخة في حاشية « م ».