______________________________________________________
قلت له : رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي أن يجهر فيه ، أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه ، فقال : « أيّ ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، فإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه » (١).
وجه الدلالة : قوله عليهالسلام : « أيّ ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة » فإن نقض الصلاة ـ بالضاد المعجمة ـ كناية عن البطلان ، والإعادة إنما تثبت مع اشتمال الأولى على نوع من الخلل.
واحتج الشهيد في الذكرى على الوجوب أيضا بفعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والتأسي به واجب (٢). وهو ضعيف جدا ، فإن التأسي فيما لا يعلم وجهه مستحب لا واجب ، كما قرر في محله.
احتج القائلون بالاستحباب بأصالة البراءة من الوجوب ، وقوله تعالى : ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً ) (٣).
وجه الدلالة : أن النهي لا يجوز تعلقه بحقيقة الجهر والإخفات ، لامتناع انفكاك الصوت عنهما. بل المراد ـ والله أعلم ـ ما ورد عن الصادق عليهالسلام في تفسير الآية (٤) ، وهو تعلق النهي بالجهر العالي الزائد عن المعتاد ، والإخفات الكثير الذي يقصر عن الأسماع ، والأمر بالقراءة المتوسطة بين الأمرين ، وهو شامل للصلوات كلها.
وما رواه علي بن جعفر في الصحيح ، عن أخيه موسى عليهالسلام ، قال : سألته عن الرجل يصلي من الفرائض ما يجهر فيه بالقراءة ، هل عليه أن لا يجهر؟ قال : « إن شاء جهر وإن شاء لم يجهر » (٥).
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٦٢ ـ ٦٣٥ ، الإستبصار ١ : ٣١٣ ـ ١١٦٣ ، الوسائل ٤ : ٧٦٦ أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٦ ح ١.
(٢) الذكرى : ١٨٩.
(٣) الإسراء : ١١٠.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٣٠ ، الوسائل ٤ : ٧٧٤ أبواب القراءة في الصلاة ب ٣٣ ح ٦.
(٥) التهذيب ٢ : ١٦٢ ـ ٦٣٦ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ ـ ١١٦٤ ، قرب الإسناد : ٩٤ ، الوسائل ٤ : ٧٦٥ أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٥ ح ٦.