والثالث لا وجه للحصر فيه أصلا ، وأمّا لفظ الأمر فيه فهو بمعنى المندوب إليه قطعا ، ضرورة عدم وجوب الصوم من شعبان.
هذا إذا أريد من وقوعه على وجه الندب أنّه ينوي فيه الندب وينحصر الصحيح منه فيه ، وإن أريد أنّه ليس إلاّ مندوبا فهو مسلّم ، ولكن وجوب تعيين ذلك في القصد وتأثير الزائد في البطلان ممنوع.
وعلى الثاني : أنّ التشريع لو كان فإنّما هو في أمر خارج ليس شرط الفعل ولا شطره ، وهو الزائد على قصد القربة ، وأمّا نفس الفعل فليس تشريعا ، مع أنّ في كون الزائد بعد استفادته من الروايتين المذكورتين (١) تشريعا أيضا نظر.
وعلى الثالث : أنّ التردّد ليس في النيّة المطلوبة ، لأنّها هي القصد إلى الفعل مع القربة ، والتردّد فيه إنّما يكون بالتردّد في الفعل والترك والتقرّب وعدمه ، وظاهر أنّه ليس كذلك ، وإنّما هو في الوجه ، وهو ممّا لا دليل على اعتباره هنا ، وعلى تقدير اعتباره غاية أو صفة أمر آخر خارج عن النيّة والمنوي ، فلا يقدح التردّد فيه.
والحاصل : أنّ اشتراط الجزم في مثل ذلك لا دليل عليه.
وأمّا قول الصدوق وكونه إشارة إلى ذلك ممنوع ، ولذا لم يسند إليه هذا القول ، وإن كان ظاهر كلامه مفهما له ، فإنّه قال ـ بعد حكمه بإجزاء صوم يوم الشكّ إن صامه من شعبان ـ : ومن صامه وهو شاكّ فيه فعليه قضاؤه وإن كان من شهر رمضان ، لأنّه لا يقبل شيء من الفرائض إلاّ باليقين.
__________________
(١) في ص : ١٩٧ ، ١٩٨.