واستصحاب وجوب امتثال الأمر ، الدالّ على وجوب هذا اليوم المعيّن ، وعدم دليل على القضاء مع عدم معلوميّة الفساد.
ولا يتوهّم دلالة إطلاقات فساد الصوم بتناول المفطرات بعد الفجر لمثل ذلك أيضا ، فيفسد ويجب معه القضاء بأدلّته ، إذ لم نعثر على مثل ذلك الإطلاق. نعم ، ورد ذلك في صيام شهر رمضان.
وأمّا أمثال قوله : « لا يضرّ الصائم إذا اجتنب أربع خصال » (١) وقوله : « الكذبة تفطر الصائم » (٢) فلا دلالة لها ، لإجمال وقت عدم الاجتناب والنقض ، فلعلّه بعد تبيّن الفجر على الصائم ، أو وقت كونه صائما ، أو وجوب الصوم عليه فيه ، وكلّ ذلك قبل ظهور الفجر عليه ممنوع.
نعم ، لو قال : الكذبة بعد الفجر تنقض ، أو : إذا لم يجتنب بعد الفجر أربع خصال يضرّ ، لكان مفيدا ، وأين مثل ذلك؟!
الرابع : الإفطار بظنّ دخول الليل عند جماعة (٣) ، ولكنّ الأقوى عدم وجوب القضاء فيه.
وتفصيل الكلام : أنّ الصائم المفطر من جهة دخول الليل إمّا يكون عالما بدخول الليل ، أو شاكّا فيه ، أو ظانّا إيّاه.
فعلى الأول : لا إثم عليه ، لتعبّده بعلمه. ولا قضاء ولا كفّارة وإن تبيّن خطأه ، للأصل الخالي عن المعارض ، حتى إطلاقات فساد الصوم بتناول المفطرات ، لعدم ظهورها في مثل ذلك الشخص.
مضافا إلى فحوى ما يأتي من أدلّة انتفاء القضاء بالإفطار مع ظنّ
__________________
(١) راجع ص : ٢٢٥.
(٢) راجع ص : ٢٥١.
(٣) انظر المنتهى ٢ : ٥٧٨ ، والرياض ١ : ٣١٣.