حقّه فائدة ، بخلاف المجنون (١).
قيل : ويشكل ذلك في بعض المجانين ، لوجود التمييز فيهم (٢) ، بل ربّما كان أكثر من تمييز الصبي المميّز ، فإن كان جنونهم دوريّا أو كانت الإفاقة منهم مرجوحة كان ينبغي تمرينهم على ما تمرّن عليه الصبيان.
إلاّ أن يقال : إن وجوب التمرين أو استحبابه حكم شرعيّ لا يثبت إلاّ بدليل ، ولا دليل هنا كما يوجد في الصبي ، فالمناط عدم الدليل لا عدم التمييز.
ويظهر منه القدح في الاستناد في نفي تكليف المجنون بقبح تكليف غير العاقل ، فإنّ من المجانين من يعقل تكليفه ، فإنّا رأينا منهم من يضرب الناس ويشتمهم ويضحك ويبكي بلا سبب ويتلف ماله ، وكانت له دقّة في صلاته وصيامه ، وكان يتعقّل التكليف والثواب والعقاب ، ويحفظ آداب عبادته وأحكامها ومسائلها.
بل في دلالة حديث : « وعن المجنون حتى يفيق » (٣) على رفع تكليف مثل ذلك أيضا تأمّل ، إذ ظاهره رفع القلم فيما جنّ فيه ، كما في المكره والناسي لا مطلقا ، فلو ثبت فيه الإجماع وإلاّ فنفي التكليف عن مثله مشكل ، فإنّ الجنون فنون ، ومن فنونه ما لا يعقل بعض الأمور ويعقل بعضها.
فروع :
أ : حكي عن الفاضل (٤) وغيره (٥) : أنّ الجنون إذا عرض في أثناء
__________________
(١) انظر المنتهى ٢ : ٥٨٥.
(٢) انظر الروضة ٢ : ١٠٢.
(٣) الخصال : ٩٣ ـ ٤٠ ، الوسائل ١٠ : ٤٥ أبواب مقدمة العبادات ب ٤ ح ١١.
(٤) في المختلف : ٢٢٨ ، والمنتهى ٢ : ٥٨٥.
(٥) كصاحب الحدائق ١٣ : ١٦٥.