الفصل الثالث
في بيان أنّ وجوب الإمساك عمّا ذكر من الأمور ـ وإيجابها لارتكاب المحرّم أو الفساد أو مع القضاء أو مع الكفّارة أيضا ـ إنّما هو إذا كان عمدا.
فنقول : إنّ كلّما ذكرنا أنّه محرّم في الصوم ومبطل له وموجب للقضاء والكفّارة ، فهو كذلك إذا كان ذاكرا للصوم ، عامدا في الإفطار ، مختارا فيه ، عالما بالحكم ، وأمّا إذا لم يكن كذلك فليس كذلك إجماعا في بعض الصور ، ومع الخلاف في بعض آخر.
وتفصيل المقال : أنّ من لم يكن كذلك فإمّا ناس للصوم ، أو غير عامد في فعل المفطر ، أو مكره ، أو جاهل ، فهذه أربع أصناف يذكر حكمها في أربع مقامات.
المقام الأول : في الناسي للصوم ، ولا يفسد صومه بفعل شيء من المفطرات ، بلا خلاف بين علمائنا كما في المنتهى (١) وغيره (٢) ، بل بالإجماع كما صرّح به بعضهم (٣) ، بل بالإجماع المحقّق ، فهو الحجّة ، مضافا إلى الأخبار المستفيضة ، كصحيحتي الحلبي (٤) ومحمّد بن قيس (٥) ، وموثّقتي سماعة (٦)
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٥٧٧.
(٢) كالذخيرة : ٥٠٧ ، والحدائق ١٣ : ٦٦ ، والرياض ١ : ٣٠٧.
(٣) كما في المفاتيح ١ : ٢٥٢ ، ومشارق الشموس : ٣٩٦ ، وغنائم الأيام : ٤١٠.
(٤) الكافي ٤ : ١٠١ ـ ١ ، الفقيه ٢ : ٧٤ ـ ٣١٨ ، التهذيب ٤ : ٢٧٧ ـ ٨٣٨ ، الوسائل ١٠ : ٥٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ١.
(٥) التهذيب ٤ : ٢٦٨ ـ ٨٠٩ ، الوسائل ١٠ : ٥٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ٩.
(٦) الكافي ٤ : ١٠١ ـ ٢ ، الوسائل ١٠ : ٥١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ٥.