ثبوت الرؤية في بلد آخر لدلالته على وجوده في هذا البلد أيضا ، وهذا ممّا لا سبيل إليه ، لم لا يجوز أن يكفي وجوده في بلد لسائر البلدان أيضا مطلقا؟! وثانيهما : أن يعلم أنّ البلدين مختلفان في الرؤية البتّة ، أي يكون الهلال في أحدهما دون الآخر ، وذلك أيضا غير معلوم ، إذ لا يحصل من الاختلاف الطولي أو العرضي إلاّ جواز الرؤية ووجود الهلال في أحدهما دون الآخر ، وأمّا كونه كذلك البتّة فلا ، إذ لعلّه خرج القمر عن تحت الشعاع قبل مغربيهما وإن كان في أحدهما أبعد من الشعاع من الآخر.
والعلم بحال القمر ـ وأنّه في ذلك الشهر بحيث لا يخرج عن تحت الشعاع في هذا البلد عند مغربه ويخرج في البلد الآخر ـ غير ممكن الحصول وإن أمكن الظنّ به ، لابتنائه على العلم بقدر طول البلدين وعرضهما ، وقدر بعد القمر عن الشمس في كلّ من المغربين ، ووقت خروجه عن تحت الشعاع فيهما ، والقدر الموجب (١) من البعد عن الشعاع.
ولا سبيل إلى معرفة شيء من ذلك إلاّ بقول هيوي واحد أو متعدّد راجع إلى قول راصد أو راصدين يمكن خطأ الجميع غالبا.
وبدون حصول العلم بهذين الأمرين لا وجه لرفع اليد عن إطلاق الأخبار أو عمومها.
فإن قيل : المطلقات إنّما تنصرف إلى الأفراد الشائعة ، وثبوت هلال أحد البلدين المتباعدين كثيرا في الآخر نادر جدّا.
قلنا : لا أعرف وجها لندرته ، وإنّما هي تكون لو انحصر الأمر في الثبوت في الشهر الواحد ، ولكنّه يفيد بعد الشهرين وأكثر أيضا. وثبوت
__________________
(١) في « ح » زيادة : للرؤية ..