والأخبار المتواترة؟! وليس في القرآن والأخبار إلاّ أنّ الاعتبار في تحقّق دخول الشهر إنّما هو بالرؤية أو مضيّ ثلاثين ، وأمّا أنّ الرؤية المعتبرة فيه متى تتحقّق وكيف تتحقّق فإنما يتبيّن بمثل هذه الأخبار ليس إلاّ (١). انتهى هذا ، مع ما في أدلّة ذلك القول من الوهن.
أمّا الأصل والاستصحاب ، فلاندفاعهما بما مرّ.
وأمّا الإطلاقات ، فلمنع تبادر الرؤية الليليّة بحيث يوجب الحمل عليها ، بل يعمّ الرؤيتين ، ولذلك استدلّ به جماعة للقول الأول ، والقائلون به لا يقولون أنّ أول النهار ينوي الصوم أو الفطر.
وأمّا رواية المدائني ، فلكونها أعمّ مطلقا ممّا مرّ ، فيجب التخصيص بما بعد الزوال.
وهو الجواب عن المنطوق ، مع أنّه صرّح بعضهم : بأنّ إيراد لفظة « من » في قوله : « من وسط النهار » وذكر الآخر قرينتان على ذلك الاختصاص (٢).
وأمّا رواية العبيدي ، فلا حجّية فيها بعد اختلاف النسخ ولو سلّم رجحان ما لهذه النسخة ، لأنّه ليس بحيث يعيّنها البتة.
هذا كلّه ، مع أنّه على فرض تساوي أدلّة الطرفين يجب ترجيح الأول ، لمخالفته العامّة ، كما صرّح به جماعة (٣) ، وهي من المرجّحات المنصوصة.
ودعوى مخالفة الثاني أيضا لنادر منهم ـ حيث إنّ في الناصريّات حكى الأول عن عمر وابن عمر وأنس ـ مردودة بأن في الخلاف حكى الثاني عنهما بعينه ، فلا تعلم مخالفة ولا موافقة ، ويبقى الأول مخالفا لما
__________________
(١) الوافي ١١ : ١٥٠.
(٢) انظر الوافي ١١ : ١٢٢.
(٣) منهم العلاّمة في المنتهى ٢ : ٥٩٢ ، وصاحب الحدائق ١٣ : ٢٩٠ ، والخوانساري في مشارق الشموس : ٤٦٨.