بل وأولى مما تكلفه المجلسي في المحكي من بحاره من إرجاع التلحي إلى السدل ، قال بعد نقل أخبار التحنك : « ولنرجع إلى معنى التحنك ، والظاهر من كلام بعض المتأخرين هو أن يدخل جزءا من العمامة تحت حنكه ويغرز في الطرف الآخر كما يفعله أهل البحرين في زماننا ، ويوهمه كلام بعض اللغويين أيضا ، والذي نفهمه من الأخبار هو إسدال طرف العمامة من تحت الحنك وإسداله كما مر في تحنيك الميت ، وهو المضبوط عند سادات بني حسين ، أخذوه عن أجدادهم خلفا عن سلف ، ولم يذكر في تعمم رسول الله والأئمة ( عليهم الصلاة والسلام ) إلا هذا ـ ثم ذكر أخبار السدل وكلام اللغويين وقال ـ : لم يتعرض في شيء من تلك الروايات لإدارة العمامة تحت الحنك على الوجه الذي فهمه أهل عصرنا مع التعرض لتفصيل أحوال العمائم وكيفيتها ، وأكثر كلمات اللغويين لا تأبى عما ذكرناه ، إذ إدارة رأس العمامة من خلف إلى الصدر إدارة أيضا ، بل كلام الجزري والزمخشري ظاهر في ذلك ، حيث قالا في تفسير الاقتعاط : ان لا يجعل شيئا منها تحت حنكه ـ ثم استظهر من ابن طاوس موافقته على ذلك إلى أن قال ـ : وكذا سائر أخبار تعمم الميت (١) ليس فيها غير إسدال طرفي العمامة على صدره كما عرفت في باب التكفين ».
ولقد أطنب في الحدائق في مناقشته وأجاد إلا فيما أساء الآداب به معه مما لا ينبغي من مثله لمثله ، خصوصا وتحقيق الحق غير موقوف على السب والشتم ونحو هما ، ولو ساغ ذلك لوقع منا نظيره فيما سمعته منه من الجمع بين النصوص بما عرفت مظهرا أنه مما وصل اليه فكره ، ومع أنه هو على فساده من وجوه قد سبقه اليه الحر في وسائله واحتمله الأصبهاني في كشفه.
وكيف كان فلا ريب في ضعف ما ذكره شيخنا المزبور ، ضرورة عدم صدق
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب التكفين من كتاب الطهارة.