فيسري إلى الخصوص كما في المياه إن لم يترتب ضرر على بعض الماكثين والعابرين ، وإن كان قد يناقش فيه بعدم اقتضاء نفي الحرج في الدين والضرر والضرار حل أموال المسلمين المحرمة في الكتاب والسنة وفطرة العقل مجانا بلا عوض ، وإلا لاقتضى ذلك إباحة كثير من المحرمات ، ولعله بعموم التحريم يستكشف أنه لا حرج لا يتحمل في الحرمة المزبورة ، وكأنه لذا وغيره أطلق غير واحد من الأصحاب كالشهيد في الذكرى وغيره حرمة التصرف مع العلم بالكراهة في الأراضي المتسعة ، بل هو المستفاد من جعل التصرف فيها بشاهد الحال ، بل يمكن تحصيل الإجماع على خلافه من ملاحظة حصرهم أسباب إباحة مال الغير في الاذن ولو بعوض أو الفحوى أو شاهد الحال ، ودعوى ان مالك الملك الأصلي أذن بذلك مصادرة واضحة ، لعدم الدليل على إذنه ، ضرورة أن الأصل في الحكم المزبور السيرة ، وهي غير معلومة في الفرض أو معلوم عدمها ، فحينئذ الاقتصار على المعلوم منها من الذي لم يعلم الكراهة فيه هو المتجه.
لكن الانصاف مع ذلك كله أنه يمكن دعوى تحقق السيرة في نحو الأراضي التي في غاية السعة التي كان بناء ملك المالك لها من المالك الأصلي على جواز هذه التصرفات من الاستطراق والمكث لقضاء الحوائج وأمثالها فيها ، نحو ملك المياه المحازة في الأنهار العظيمة التي لا ينكر تحقق السيرة على عدم الامتناع من الشرب منها ، ونقل المياه للمسافرين والمترددين ونحو ذلك وإن كره المالك ، فالتحقيق حينئذ التفصيل في الأفراد وتمييزها بحسب قيام السيرة ، فمنها ما يجوز التصرف فيه بالصلاة ونحوها وإن كره المالك ، ومنها ما قد عرفت من أن مقتضى السيرة فيه عدم مراعاة كون المالك مما له الاذن أو لا أو ممن يأذن أو لا ، بل المدار على عدم علم الكراهة ، ولعله كذلك في كل ما كان مستند التصرف فيه شاهد الحال كالمضايف والرباع ونحوها ، أما ما كان مستنده الفحوى : أي القطع بالاذن فلا بد من اعتبار حصول العلم بالاذن ممن له الاذن من مالك