ولأن نقض الأول بالثاني ليس بأولى من العكس ، فهو حينئذ كالاجتهاد في الأحكام بل ما نحن فيه أولى ، ضرورة ظهور النص (١) في بدلية الظن لقاعدة الاجزاء ، بخلافه في الأحكام ، لاحتمال العذرية فيه إن لم يكن الأقوى ، لعدم دليل لفظي يقتضي بظاهره البدلية
ومن هنا لو علم المجتهد في الحكم خطأه بدليل قطعي قضى في خارج الوقت بخلافه هنا كما عرفت ، فلو صلى حينئذ أربع صلوات بأربع اجتهادات لم يجب عليه فعل واحدة منهن ، لأن كل واحدة قد صليت باجتهاد لم يتبين فيه الخطأ ، فما عن نهاية الأحكام من احتمال قضاء الجميع ، لأن الخطأ متيقن في ثلاث صلوات منها وان لم يتعين ، فأشبه ما لو فسدت صلاة من صلوات ، واحتمال قضاء ما سوى الأخيرة لكون الاجتهاد الأخير ناسخا لما قبله ضعيف ، لما عرفت من عدم مدخلية الواقع ، ودعوى الاندراج في الأدلة للعلم بالخطإ في الجملة يدفعها ظهورها في العلم بالخطإ بالخصوص كما لا يخفى ، فالاحتمالان حينئذ في غاية الضعف ، خصوصا الثاني الذي هو تحكم ، إذ الاجتهادات متعاقبة متنافية ، ورد أولهما في الذكرى بأنه لو وجبت الإعادة لم يؤمر بالصلاة مع تغير الاجتهاد ، ولعله أراد ما أشرنا إليه من عدم أولية نقض الأول بالثاني من العكس ، إذ صيرورته الآن وهما لا يقدح فيما وقع فيه حال كون الثاني وهما ، نعم هو أرجح منه بالنسبة الى ما يأتي من الافعال ، كرجحان الأول قبل أن ينقلب وهما.
ومن ذلك يعلم ما في الذكرى من أنه يحتمل قويا مع تغير الاجتهاد أن يؤمر بالصلاة إلى أربع ، لأن الاجتهاد عارضه الاجتهاد فيتساقطان فيتحير ، ولا يجب إعادة ما صلاة أولا ، لإمكان صحته ودخوله مشروعا ، إذ هو كما ترى ضعيف جدا ، كالإشكال في القواعد في أصل الحكم ، قال : لو ظهر خطأ الاجتهاد بالاجتهاد ففي القضاء أي إعادة ما صلى بالأول مطلقا أو بالوقت خاصة على حسب ما مر من وجوه
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٦ من أبواب القبلة.