« سألته عن الرجل يصلي وهو يمشي تطوعا قال : نعم » قال أحمد بن محمد بن أبي نصر : وسمعته أنا من الحسين بن المختار ، وعن المنتهى نسبة جواز التنفل له في السفر إلى علمائنا ، ولا ريب في اقتضاء إطلاق ما عدا الأول منها عدم الفرق بين السفر والحضر ، وبين الصلاة الى القبلة وعدمها ، بل صريح الأول الثاني فيما عدا التكبير والركوع والسجود ، مع انه لم يشترطه أصحابنا في الأخيرين ، وانما اشترطه الشافعي كما اعترف به بعضهم ، بل عن الخلاف الإجماع على استثنائه من اشتراط الاستقبال في غير التكبير ، فلا بد من حمل ذلك في الخبر المزبور على التقية أو الندب ، ولعل الثاني أولى ، خصوصا بعد حمل ذلك في التكبير عليه أيضا كما هو الأقوى ، تحكيما للإطلاقات المزبورة المعتضدة بإطلاق استثنائه من اشتراط القبلة في أكثر كتب الأصحاب ، وبالآية التي قد عرفت استفاضة النقل في نزولها في النافلة وغير ذلك مما سمعته سابقا في دعوى عدم الاشتراط مطلقا ، مضافا الى خلو بعض النصوص هنا المشتملة على بيان كيفية الصلاة ماشيا عن التعرض للاستقبال ، كخبر إبراهيم بن ميمون (١) وغيره (٢) والى موافقته للاعتبار كما أومأ إليه في المحكي عن المنتهى بقوله : إن التنفل محل الترخص ، فأبيحت هذه كغيرها طلبا للمداومة على فعل النافلة وكثرة التشاغل بالعبادة.
كما أنه يحمل ما في صحيح عبد الرحمن (٣) المتضمن للأمر بالاستقبال للراكب في التكبير على ذلك أيضا ، قال فيه : « سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الصلاة في الليل في السفر في المحمل فقال : إذا كنت على غير القبلة فاستقبل القبلة ثم كبر وصل حيث ذهب بك بعيرك » الى آخره. ضرورة قصوره عن تقييد تلك الإطلاقات المعتضدة بكثير مما عرفته في الماشي ، بل وبغيره ، بل لا يخفى أولويته من الماشي بذلك ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ١٦ من أبواب القبلة الحديث ٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ١٦ من أبواب القبلة الحديث ٣.
(٣) الوسائل الباب ١٥ من أبواب القبلة الحديث ١٣.