الذي لم يظهر من الأصحاب الإعراض عنه بالنسبة إلى ذلك ، إذ إطلاقهم الستر محتمل لما يشمله باعتبار توقف الصدق عليه ، وإرساله بعد كونه في الكتب المعتمدة وقيام بعض القرائن على صحته غير قادح ، لا أقل من أن يكون ذلك مضافا إلى ما ذكرنا موجبا للشك ، فيجب حينئذ تحصيلا ليقين البراءة ، بناء على أصالة الشغل ، بل وعلى المختار إن قلنا بانقداح الشك بذلك في المراد من الإطلاقات كما قررناه غير مرة ، ودعوى عدم الشك للأدلة المزبورة يدفعها أنه قد ظهر مما ذكرنا خروج أكثرها أو جميعا عن الدلالة على عدم ستر الحجم بالمعنى الذي ذكرناه حتى صحيح ابن مسلم (١) إذ الكثافة غالبا تستره بالمعنى المراد ، بل الخبران (٢) منها لا يحتملان أو ظاهران في إرادة العانة لا القضيب الذي لم يتعارف وضع النورة عليه ، ولعله لذلك أو وغيره كان خيرة الأستاذ الأكبر الأول : أي وجوب الستر ، بل هو المحكي عن فوائد الشرائع وفوائد القواعد والجعفرية وجامع المقاصد ، وإن كان لم نعثر عليه في الأول ، والذي عثرنا عليه في الأخير عدم الخلو من قوة ، نعم حكاه فيه عن الذكرى وغيرها ، ولم نجده فيها صريحا ، وقد ينقدح من تلك الأدلة المزبورة لفظية النزاع بحمل الحجم في كلام النافي على غير الحجم في كلام المثبت.
وكيف كان فالمدار على تحقق إطلاق الستر بدون قيود كالستر في غير الشمس وعدمه فيها وإن قرب أو بعد للمعمق في النظر وعدمه ولحاد البصر وعدمه ونحو ذلك ، فان الظاهر تحقق مصداق لمطلقه في العرف ، فيكون هو المدار ، ضرورة كونه هو متعلق الحكم لا المضاف منه ، والحجم فيه بناء على وجوب ستره كاللون في ذلك ، والله أعلم.
ولا يجوز للمرأة الحرة إلا في ثوبين : درع وخمار ساترة جميع جسدها
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب لباس المصلي ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٨ ـ من أبواب آداب الحمام ـ الحديث ١ و ٢ من كتاب الطهارة.