التعليل فيه في غير الواجب من الأدب إن كان المراد من الامام فيه المعصوم عليهالسلام إذ حرمة التقدم عليه في المكان الذي هو غير مناف للاحترام الواجب في زمن الحياة غير معلومة ، فضلا عما بعد الموت ، وفضلا عن كونه شرطا في صحة الصلاة ، بل معلوم عدمها ، وإن كان المراد إمام الجماعة فغرابة انطباقه على المعلل واضحة ، ومن هنا كان الأليق إرادة الأول ، خلافا لما يظهر من غير واحد من الأصحاب ، وحينئذ فيراد غير الواجب من الأدب منه كما عرفت ، وعليه حينئذ يتم القول بكراهة التقدم.
واستحباب تركه باعتبار كونه من الآداب المندوب إليها ، فمن الغريب ركون جماعة من متأخري المتأخرين إلى البطلان كالبهائي وغيره للصحيح (١) المزبور الذي لم يخص الصلاة بالنهي ، بل مقتضاه مطلق التقدم وإن لم يكن في الصلاة ، ولا غر ممن لم يتحرر عنده الطريقة منهم ، أو لم يعض عليها بضرس قاطع ، وعليه قد يقال بعدم البطلان في هذه الأزمنة لوجود الحائل من الصندوق والثياب والشبابيك ونحوها ، واحتمال سريان حكم القبر إليها باعتبار معاملتها معاملته في التعظيم وغيره لا تساعده الأدلة.
وأما المحاذاة فهي أولى بالصحة من التقدم ، خصوصا بعد صحيح الحميري الآمر فيه بالصلاة عن اليمين والشمال ، إذ احتمال عطف قوله عليهالسلام : « يصلي » فيه على « يتقدم » أو « يصلي » الأولى فلا يكون دالا على ذلك كما ترى مخالف للمعروف في تأدية هذا المعنى بإعادة النفي ، وعدم الاتكال على النفي الأول بل تركه فيه قرينة على إرادة الإثبات من المعطوف ، ودعوى أن رواية الاحتجاج (٢) قرينة على إرادة ذلك منه يدفعها أولا أن المعنى المذكور مما لم يتعارف إرادته من مثل العبارة المزبورة اعتمادا على أمثال هذه القرائن. وثانيا أن اليمين والشمال في الصحيح أعم من المساواة في خبر الاحتجاج ، فنفيها فيه لا يصلح قرينة على إرادة النفي من اليمين والشمال فيه ، نعم لو لا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب مكان المصلي ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب مكان المصلي ـ الحديث ٢.