والقبلة أن الشرط فيها إحراز المكلف لها بطريق العلم أو الظن حيث يعتبر ، أو يكتفي مصادفة المكلف لها مع فرض حصول نية التقرب ، وهو لا مدخلية له هنا ، ضرورة كون المحاذاة مانعة ، فمع فرض أن المانع منها الصحيحة لو لا المحاذاة وفرض حصول نية التقرب للمكلف لم يكن وجه للبطلان أصلا بعد انكشاف عدم المانع وتخيله آنا ما لم يثبت مانعيته كما هو واضح ، وبه يعلم ما في كلام جماعة من المحققين ، منهم من عرفت ، ومنهم المحقق الثاني في جامعه ، ولذا قال في كشف اللثام : « وإن صلى مع الغفلة عن التحاذي أو الحكم أو الاستفسار وكان الظاهر البطلان لم يعد ».
هذا كله في المنكشف فساده من رأس بفقد الطهارة ونحوها ، أما لو حدث الفساد فيه بعروض مبطل في الأثناء ففي البطلان به وعدمه وجهان ينشئان من أنه كالمنكشف فساده بالأخرة ، ومن تحقق الحكم بالمحاذاة واقعا قبل عروض المفسد ، وهو كاف في حصول الفساد ، لعدم الدليل على اعتبار الإتمام صحيحة لو لا المحاذاة في مانعية المحاذاة ، بل ظاهر الأدلة خلافه ، وأن المدار على تحقق المحاذاة ولو في بعض صلاة صحيحة لو لا المحاذاة ، وهو الأقوى ، هذا.
وفي رجوع كل منهما إلى إخبار الآخر بالصحة والبطلان نظر كما في القواعد وغيرها ينشأ من أن من أسباب الصحة والبطلان ما لم يعلم إلا من قبل المصلي مع أصالة صدقه ، ولأنه إذا أخبر بالبطلان لم يتحقق شرط بطلان صلاة الآخر ، والأصل الصحة ، ولأن إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ، ولأن الصحة التي قد لا تعلم إلا من قبل المصلي لو تعلق بها تكليف مكلف ولم يقبل فيها قول الغير لزم تكليف ما لا يطاق ، ومن أن إخبارها بحال صلاتها بمنزلة الإخبار بحال صلاته ، وهو غير مسموع خصوصا البطلان ، لأصل الصحة وانتفاء شرطه ، والأقرب الأول وفاقا لثاني المحققين والأصبهاني والمحكي عن غيرهما ، خصوصا في البطلان وإن كان في بعض تلك الأدلة نظر.