ما يعد الوضوء فيه تصرفا فيه بحسب حاله حتى اللباس والنعل المغصوبين ونحوهما مما يصدق معه التصرف فيه بالوضوء ، لكنه كما ترى غريب ، والفرق بين ما يكون التصرف فيه حال الوضوء أو بنفس الوضوء في غاية الوضوء ، ولعله صدر ذلك منه رحمهالله لشدة تورعه عن اجتناب المحرمات. نعم لا يبعد القول بالبطلان في خصوص الوضوء بالفراغ المغصوب ، لما عرفت.
وقضاء الدين ليس من العبادات ، فلا ينبغي التأمل في صحته في المغصوب كغيره من أقسام المعاملات والإيقاعات فعلية وقولية ، إذ نحو هذه الحرمة فيها لا تستلزم البطلان ، بل وكذا الصوم من العبادات الذي لا تصرف في شيء منه فيه ، والانتفاع به حاله لا يقتضي البطلان قطعا ، ولذا جزم بصحته وقضاء الدين في المحكي عن نهاية الأحكام والدروس والموجز ، فما عن الروض والمقاصد العلية من التردد في غير محله ، أما الزكاة والخمس والكفارة ونحوها ففي المحكي عن الروض والمقاصد الجزم بالبطلان فيها ، كالمحكي عن الكتب الثلاثة في خصوص الزكاة وإن كان يلزمه ذلك فيما بعدها ، ولعله لأن الدفع نفسه هو الإيتاء المشروط بنية القربة ، ويمكن أن يكون المراد منه الوصول والدفع مقدمة ، فحينئذ يتجه الصحة ، والله أعلم بتحقيق ذلك كله ، وربما يوفق الله لتفصيل البحث في جميع ذلك في محل آخر.
وكيف كان فقد عرفت أن مدار البطلان الناشئ من قاعدة الاجتماع الاتحاد المزبور ، فمع عدمه يكون المتجه الصحة ، فلو صلى تحت سقف مغصوب أو خيمة فقد جزم في جامع المقاصد بأنه لا بطلان فيه من حيث إباحة المكان ، لأنه لا يعد مكانا بوجه من الوجوه وإن كان المصلي متصرفا بكل منهما ومنتفعا به ، لأن التصرف في كل شيء بحسب ما يليق به ، والانتفاع فيه بحسب ما أعد له ، قال : « لكن هل تبطل بهذا القدر من التصرف؟ لا أعلم لأحد من الأصحاب المعتبرين تصريحا في ذلك بصحة