ضرورة عدم قرينة على إرادة خصوص الاستدبار من غير القبلة فيه ، خصوصا مع إمكان كون الحقيقي منه من الأفراد النادرة ، وسيما من المجتهد ، ولا يقدح ذلك في إطلاق تلك النصوص بالنسبة إليه ، إذ يمكن استفادة حكمه حينئذ من قاعدة الاجزاء مع القطع بمساواته للتشريق والتغريب في الإعادة في الوقت ، أو أولويته منهما بذلك ، على أن من المستبعد إرادته خاصة من غير القبلة لا مع غيره من الأفراد ، فتأمل جيدا.
فالخبر المزبور على إطلاقه من الشواذ الذي ينبغي عدم الالتفات إليها ، خصوصا بالنسبة الى ما بين المشرق والمغرب ، بل ونفس المشرق والمغرب ، ودعوى أن التمسك بإطلاقه الذي لا يقدح في حجيته تقييده بالأدلة يدفعها أنه إن سلم ذلك فهو في خصوص ما بين المشرق والمغرب ، أما هما فلا دليل عليهما سوى الإطلاقات السابقة التي لا تخصهما ، وتنزيلها على خصوص التشريق والتغريب فرع الشاهد عليه ، فليس حينئذ إلا ترجيحها على الخبر المزبور سندا ودلالة واعتضادا كما سمعته سابقا ، مضافا الى ظهور سيافه في إرادة تقديم الفائتة على الحاضرة لا إرادة القضاء حيث يفوت الاستقبال على كل حال.
وأقرب من ذلك الاستدلال بموثق عمار (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « في رجل صلى على غير القبلة فيعلم وهو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته قال : إن كان متوجها فيما بين المشرق والمغرب فليحول وجهه إلى القبلة ساعة يعلم ، وإن كان متوجها الى دبر القبلة فليقطع الصلاة ، ثم يحول وجهه إلى القبلة ثم يفتتح الصلاة » مع أنه كالصريح في غير محل النزاع من العلم بالاستدبار بعد خروج الوقت ، إذ حمله على ما إذا كان صلاته في آخر الوقت بحيث علم بذلك بعد إدراك الركعة منها مثلا وخروج الوقت كما ترى لا ينبغي الإصغاء اليه ، على أن ظاهر الاستدبار فيه ما يشمل
__________________
(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب القبلة الحديث ٤.