المتضمن للنهي للمصلي ، بل ربما كان في سكوتهم عليهمالسلام وعدم إنكارهم على المارين إيماء إلى عدم ذلك ، مضافا إلى الأصل وغيره ، لكن في الذكرى الجزم بكراهة المرور مع السترة وعدمها ، قال : لما فيه من شغل قلبه وتعريضه الدفع ، وحرمه بعض العامة لما صح عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في رواية أبي جهم الأنصاري (١) « لو يعلم المار بين يدي المصلي ما ذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه » وشك أحد الرواة بين اليوم أو الشهر أو السنة ، وهو محمول على التغليظ ، لأنه صح في خبر ابن عباس (٢) أنه مر بين يدي الصف راكبا ولم ينكر عليه ذلك ، فان قلت في الرواية « وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام » فترك الإنكار لعدم البلوغ ، قلت : الصبي ينكر عليه المحرمات والمكروهات على سبيل التأديب.
قلت : لا يخفى عليك ما في الركون إلى هذه التعليلات وأمثال هذه الروايات في إثبات الأحكام الشرعية ولو على التسامح ، ضرورة كون مثله تسامحا في التسامح ، نعم قد يحتج للكراهة بنصوص الدرء وخبر الدعائم بدعوى أنها المناسبة لأمر المصلي بأن يدرأ ما استطاع ، ولنهيه عن دعة المار ، إذ من المستبعد إباحة المرور أو ندبه مع أمر المصلي بالدفع وأن لا يدعه ، وإن كان لا مانع منه عقلا ، لكن قد عرفت أن المراد بنصوص الدرء الكناية عن التستر ، كما أن الظاهر عامية خبر الدعائم ، فحينئذ يشكل الجزم بالكراهة للمار ، خصوصا إذا لم يضع المصلي سترة باعتبار أنه قد يقال هو ضيع حق صلاته ولم يجعل ما أعده الشارع رافعا لتأثير المرور فيها ، كما قال في الذكرى : إنه لو كان في الصف الأول وفرجة جاز التخطي بين الصف الثاني لتقصيرهم بإهمالها ، وإن كان لا يخلو من نظر ، بل وإن وضع سترة ، فإنه قد يقال حينئذ إنه بحكم المتستر ، فلا يكره المرور بين يديه ، بل قد يؤيد عدم الكراهة مطلق ظهور النصوص في أن السترة ترفع
__________________
(١) صحيح البخاري ج ١ ص ١٠٤.
(٢) صحيح البخاري ج ١ ص ١٠١.