ويجترئ علينا العرب حولنا ، حتى يطمعوا فينا إذا رأونا لم نخرج إليهم ، فنذبهم عن جوارنا ، وعسى الله أن يظفّرنا بهم ، فتلك عادة الله عندنا ، أو تكون الاخرى : الشهادة.
لقد أخطأتني وقعة بدر ، وقد كنت عليها حريصا ، لقد بلغ من حرصي أن ساهمت (١) ابني على الخروج فخرج سهمه فرزق الشهادة ، وقد كنت حريصا على الشهادة وقد رأيت ابني البارحة في النوم في أحسن صورة يسرح في ثمار الجنة وأنهارها ، وهو يقول : الحق بنا ترافقنا في الجنة ، فقد وجدت ما وعدني ربي حقا.
وقد والله يا رسول الله أصبحت مشتاقا الى مرافقته في الجنة ، وقد كبرت سني ورقّ عظمي ، وأحببت لقاء ربّي فادع الله يا رسول الله أن يرزقني الشهادة ومرافقة سعد في الجنة!!! (٢).
إن هذا الذي ذكرناه ليس سوى نموذج واحد من مواقف كثيرة تجدها أيّها القارئ الكريم في صفحات التاريخ الاسلامي المشرقة فهناك الكثير من هؤلاء الفدائيين المخلصين الذين آلوا على أنفسهم أن يدافعوا عن حياض العقيدة وشرف الدين ، ورزقوا الشهادة في نهاية المطاف.
إن الايديولوجية التي لا تعتمد على اسس الايمان بالله واليوم الآخر قلما تنتج جنديا فدائيا مخلصا مثل خيثمة ، ومن شاكله.
إن روح الفداء والتفاني والايثار بالنفس والتضحية بالغالي والرخيص ، التي تدفع بالجندي إلى أن يطلب الشهادة في سبيل إعلاء كلمة الحق ، وإعزاز التوحيد باصرار وشوق لا توجد إلاّ في مدرسة الأنبياء والمرسلين ، ولا تحصل الاّ في ضوء تربيتهم.
واما في المجتمعات المادية كالمجتمعات الحاضرة التي تهتم أكبر اهتمام بتحسين أحوال العسكريين حيث إن الهدف من الحروب والمعارك لم يكن قط إلاّ الحصول على وضع معيشي أفضل ، فانّه لا يهم الجنود فيها إلاّ الحفاظ على أرواحهم وحياتهم
__________________
(١) اي اجريت القرعة بيني وبين ولدي.
(٢) المغازي : ج ١ ص ٢١٢ و ٢١٣.