أليس قال : ( أي النبيّ يوم كان بمكة ) أنا أقتلك إن شاء الله ، قتلني والله محمّد!!
وقد فعلت الطعنة ، وكذا خوفه فعلتهما فمات في منطقة تدعى سرف ( وهو موضع على ستة أميال من مكة ) فيما كانت قريش قافلة من احد الى مكة (١).
حقا إن هذا ينمّ عن منتهى الدناءة والخسة في خلق قريش وموقفها ، فمع أنها كانت تعرف صدق رسول الله صلىاللهعليهوآله وتعترف به ، وتنكر أن يكون قد صدر منه كذب في قول ، أو خلف في وعد ، كانت تعاديه أشدّ العداء ، وتمدّ نحوه يد العدوان ، وتبغي مصرعه ، وتسعى إلى اراقة دمه!!
كما أنه من جهة اخرى يدل على شجاعة رسول الاسلام صلىاللهعليهوآله وبطولته ومقدرته الروحية الكبرى ، من ناحية اخرى ، وثباته في عمله من ناحية ثالثة.
أجل لقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يدافع عن رسالته السماوية ، وعن حياض عقيدته التوحيدية العظمى ، ويصمد لاعداء صمود الجبال الرواسخ مع أنه ربما دنا من الموت وكان منه قاب قوسين أو أدنى.
ومع أنه كان صلىاللهعليهوآله يرى أن كل همّ المشركين وكل حملاتهم موجهة نحوه بشخصه ، إلاّ أنه لم يشهد أحد منه أي قول أو فعل يشعر بتوجسه واضطرابه ، ولقد صرح المؤرخون بهذا الأمر فقد كتب المقريزي ونادى المشركون بشعارهم [ يا للعزى ، يا لهبل ] فارجعوا في المسلمين قتلا ذريعا ، ونالوا من رسول الله صلىاللهعليهوآله ما نالوا. ولم يزل صلىاللهعليهوآله شبرا واحدا بل وقف في وجه العدوّ ، وأصحابه تثوب إليه مرة طائفة وتتفرق عنه مرة ، وهو يرمي عن قوسه أو بحجر حتى تحاجزوا (٢).
نعم غاية ما سمع من صلىاللهعليهوآله هو ما قاله عند ما كان يمسح الدم
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٨٤ ، المغازي : ج ١ ص ٢٥١.
(٢) امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٣١ ، المغازي : ج ٢ ص ٢٤٠.