وقد كان رأس هذا الحزب هو « عبد الله بن أبي » و « مالك بن أبي » و .. و ..
ولمّا سمع هؤلاء المنافقون بما يلقاه بنو النضير من رسول الله صلىاللهعليهوآله أرسلوا إليهم من يقول لهم : لا تخرجوا من دياركم وأموالكم ، وأقيموا في حصونكم ، فان معي ألفين من قومي وغيرهم من العرب ، يدخلون معكم حصنكم فيموتون من آخرهم قبل أن يوصل إليكم وتمدكم قريظة فانه لن يخذلونكم ، ويمدّكم حلفاؤكم من غطفان؟!
ولقد جرّات هذه الوعود بني النضير ، فانصرفوا عن فكرة الرضوخ لمطلب النبيّ صلىاللهعليهوآله فأغلقوا أبواب حصونهم ، وأعدّوا عدة الحرب ، وعزموا على أن يقاوموا رسول الله صلىاللهعليهوآله مهما كلّف الثمن ، ولا يسمحوا للمسلمين بأن يسيطروا على بساتينهم وممتلكاتهم دون عوض.
فنصحهم أحد كبرائهم وهو « سلام بن مشكم » وشكك في وعود عبد الله بن أبي ، واعتبرها وعودا جوفاء ، وقال : ليس رأي ابن أبيّ بشيء ، فهو والله جلاؤنا من أرضنا ، وذهاب أموالنا ، أو سباء ذرارينا مع قتل مقاتلينا.
إلاّ أن « حيي بن أخطب » أبي إلاّ محاربة رسول الله صلىاللهعليهوآله وحث الناس على المقاومة والصمود ، وأرسل الى رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنا لا نبرح من دارنا وأموالنا فاصنع ما أنت صانع!!
فعرف رسول الله صلىاللهعليهوآله برسالة « عبد الله بن ابي » إلى بني النضير ، وو عوده لهم ، فاستخلف ابن أمّ مكتوم على المدينة ، وسار صلىاللهعليهوآله في أصحابه مكبّرا لمحاصرة بني النضير فصلّى صلاة العصر بفضائهم واستقر في الطريق بين « بني النضير » وبين « بني قريظة » ليقطع بذلك سبيل الاتصال بين هذين الفريقين ، وحاصر بني النضير ست ليال ـ حسب رواية ابن هشام ـ (١) أو خمسة عشر يوما حسب روايات آخرين ، ولكن اليهود تحصنوا منه في الحصون ، وأظهروا المقاومة ، والإصرار على الامتناع ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٩١ ، وهذا من التكتيكات العسكرية التي كان النبيّ صلىاللهعليهوآله يستعملها ليقطع خطوط الارتباط بين الجماعات المتعاونة.