الخرق ، والرقاع فسمّيت هذه الغزوة بذات الرقاع (١).
وعلى كل حال فان هذه الغزوة لم تكن ابتدائية تماما مثل بقية الغزوات ، بل كانت لإطفاء شرارة كانت على شرف الاشتعال ، والانفجار ، وبالضبط جاءت لتقضي على تحركات واستعدادات عدائية كان يقوم بها بنو محارب وبنو ثعلبة وكلاهما من قبائل غطفان.
وقد كان من دأب النبيّ وسياسته أن يبثّ أشخاصا أذكياء إلى المناطق المختلفة ليأتوا له بالأخبار عن كل ما يستجدّ على ساحة الجزيرة العربية ، وفي أوساط القبائل.
فأتاه الخبر ذات مرة أن القبيلتين المذكورتين تنويان جمع الاسلحة والرجال لاجتياح المدينة وغزوها ، فسار إليهم رسول الله صلىاللهعليهوآله على رأس مجموعة من رجاله وأصحابه حتى نزل نخلا بنجد قريبة من مكان العدو (٢).
فدفعت سوابق المسلمين الجهادية ، وما سطروه في المعارك والمواقف من قصص المقاومة والصمود والبسالة والاستقامة ، وما حققوه من انتصارات ساحقة حيّرت سكّان الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها.
لقد دفعت كل هذا العدوّ إلى الانسحاب ، واللجوء الى رءوس الجبال ، وقد خافوا ألاّ يبرح رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى يستأصلهم.
وقد صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله بالمسلمين في هذه الغزوة صلاة الخوف ، التي بيّن الله تعالى كيفيتها في سورة النساء الآية ١٠٢.
وأغلب الظن أن العدوّ كان في هذه الغزوة قويا في تجهيزاته وقواه ، وان الاوضاع العسكرية قد وصلت الى مرحلة خطيرة مما سبّب الخوف ، ولكن الانتصار كان في المآل من نصيب المسلمين.
__________________
(١) السيرة النبوية ، الهوامش : ج ٢ ص ٢٠٤.
(٢) امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٨٨.