وفيما يلي الجملتان اللتان تحتاجان الى التوضيح :
« وتخفي في نفسك ما الله مبديه ».
فما ذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يخفي في نفسه وقد أظهره الله وأبداه بعد كل تلك النصيحة التي نصح بها صلىاللهعليهوآله زيدا؟
ربما يتصوّر أحد أنّ الأمر الذي كان يخفيه رسول الله صلىاللهعليهوآله هو رغبة النبيّ صلىاللهعليهوآله في تطليق زيد زوجته زينب أي أنه وان كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ينهى زيدا في الظاهر عن تطليق زينب ، إلا أنه كان في سرّه يرضى بذلك بل يرغب فيه ليتسنّى له بعد ذلك أن يتزوجها هو.
ولا شك أنّ هذا الاحتمال غير صحيح مطلقا لأن النبيّ صلىاللهعليهوآله إذا كان يبطن مثل هذا الأمر ، فلما ذا لم يبد الله سبحانه نيّته هذه بآيات اخرى ، في حين أنه سبحانه وعد في هذه الجملة بأن يظهر ما كان يخفيه رسول الله في نفسه إذ قال تعالى : « مَا اللهُ مُبْدِيهِ »؟!
ولهذا قال المفسرون : إن المقصود مما كان يخفيه هو الوحي الالهي الّذي أنزله الله عليه ، وتوضيح ذلك هو : أنّ الله تعالى أوحى إليه بأن زيدا سيطلّق زوجته رغم نصيحة النبيّ ، وأنه صلىاللهعليهوآله سيتزوج بها من بعده لإبطال سنّة جاهلية مقيتة ( وهي حرمة الزواج بمطلّقة الدعيّ ).
ومن هنا كان رسول الله صلىاللهعليهوآله حين نصيحته لزيد ونهيه عن تطليق زينب زوجته ملتفتا ومنتبها إلى هذا الوحي الالهيّ أيضا ، ولكنه أخفى هذا الوحي عن زيد وغيره ، ولكن الله تعالى أخبر النبيّ في نفس تلك الجملة بأنه تعالى سيبدي للناس ما يخفيه رسول الله صلىاللهعليهوآله في قلبه ، وأن الامر لن يبقى خافيا على أحد بإخفائه صلىاللهعليهوآله له.
ويشهد بهذا المعنى أنّ القرآن الكريم اظهر الامر في ذيل نفس هذه الآية إذ قال :
« فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ