بطل من أبطالهم ورأسوه عليهم ، وهو عمرو بن عبد ود العامري ليشدّوا به أزرهم ، ويحققوا بسببه ما كانوا يأملونه من الظفر.
وعلى هذا الاساس كانت معركة الأحزاب مواجهة كاملة بين كل الكفر وكلّ الايمان ، وخاصة عند ما تبارز بطل الاسلام وبطل الكفر وتواجها في ساحة القتال.
ولقد كان الخندق الذي احتفره المسلمون سلفا من عوامل إخفاق المشركين ، وكان العدوّ يحاول أن يعبر هذا الخندق فتطيف فرسانهم به ليل نهار ولكن دون جدوى ، لانهم كانوا يواجهون في كل مرة سهام الحرس الذي وكلهم رسول الله صلىاللهعليهوآله بحراسة الخندق ، ورصد محاولات العدو لاجتيازه وافشالها فورا ، وأيضا بفضل تدابير النبي القائد نفسه.
كان الشتاء وبرده القارص في تلك السنة وتناقص الطعام ، والعلف يهدد جيش المشركين ، وأنعامهم ، وخيولهم فاستقرض حيي بن أخطب من بني قريظة عشرين بعيرا محملة شعيرا وتمرا وتبنا تقوية لقريش ، ولكن دورية من المسلمين صادفتها في أثناء الطريق فصادرتها وأتوا بها الى النبي صلىاللهعليهوآله فتوسع بها أهل الخندق (١).
وذات يوم من أيام الانتظار وراء الخندق كتب أبو سفيان الى رسول الله صلىاللهعليهوآله كتابا يقول فيه : إني احلف باللات والعزى لقد سرت إليك في جمعنا وإنّا نريد ألاّ نعود إليك أبدا حتى نستأصلكم فرأيتك قد كرهت لقاءنا ، وجعلت مضايق وخنادق ، فليت شعري من علمك هذا؟ فان نرجع عنكم فلكم منّا يوم كيوم احد تبقر فيه النساء (٢).
فكتب إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله : « من محمّد رسول الله إلى أبي سفيان بن حرب ... أمّا بعد فقديما غرّك بالله الغرور ، أما ما ذكرت أنك سرت
__________________
(١) السيرة الحلبية : ج ٢ ص ٣٢٣.
(٢) المغازي : ج ٢ ص ٤٩٢.