يرتجف ويقول : إنّي خنت الله ورسوله صلىاللهعليهوآله ، وانطلق على وجهه ، ولم يأت رسول الله صلىاللهعليهوآله والمسلمين وهم ينتظرون رجوعه إليهم ـ وربط نفسه في المسجد بعمود من أعمدته ، وقال لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله عليّ ما صنعت!!
ويقول المفسرون : فنزل في خيانة أبي لبابة قول الله تعالى :
« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ » (١).
فلما بلغ رسول الله صلىاللهعليهوآله خبر أبي لبابة ، وكان قد استبطأه قال : أما أنه لو جاءني لاستغفرت له ، فأما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه.
وبقي أبو لبابة مرتبطا بالاسطوانة ، وكانت ابنته أو زوجته تأتيه في مواعيد الصلاة ، وتحلّ رباطه ، فيصلّي ثم تعيد الرباط.
فلما كان السحر من اليوم السابع نزلت توبة أبي لبابة بواسطة ملك الوحي ـ على رسول الله وهو في بيت أمّ سلمة ، والآية التي نزلت في توبته هي قوله تعالى :
« وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ » (٢).
فلما نظرت أمّ سلمة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو مستبشر يضحك قال صلىاللهعليهوآله لها :
« لقد تيب على أبي لبابة إن شئت فبشريه ».
فقامت إليه وهو مرتبط بالجذع في المسجد وقالت له : يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك.
فلما عرف الناس بذلك أرادوا أن يطلقوه فقال : لا والله حتى يكون رسول الله
__________________
(١) الأنفال : ٢٧.
(٢) التوبة : ١٠٢.