مستعدين لشن حرب على الاسلام ، وكان من المحتمل إذا نوفرت هناك جهة تتكفل نفقات الحرب ، أن تتكرر قضية الاحزاب مرة اخرى.
على أساس هذه المحاسبات كلّف رسول الله صلىاللهعليهوآله (١) مجموعة من شجعان الخزرج وفوارسهم بأن يصفّوا هذا العنصر الخطر ، الجريء والحاقد ، بشرط أن لا يتعرّضوا لأحد من أبنائه وزوجاته.
فخرجوا حتى قدموا خيبر ، فدخلوا خيبر ليلا ولم يدعوا بابا في الدار الا أغلقوه على أهله حتى لا يحس بهم أحد إذا صاح واستغاث بأحد ، ثم تسللوا إلى غرفته وكانت في الطابق الاعلى ، فطرقوا باب حجرته ، فخرجت إليهم امرأته وقالت : من أنتم؟ قالوا : ناس من العرب نلتمس الميرة ، ففتحت الباب وسمحت لهم بالدخول عليه من دون التحقق من أمرهم ، فدخلوا في غرفته وابتدروه وهو على فراشه بأسيافهم بعد أن أغلقوا باب الغرفة على أنفسهم ، وقضوا على ذلك المفسد الشرير الذي طالما أزعج المسلمين بفتنه ومؤامراته ، ثم خرجوا ، وانحدروا من الدرج واختبئوا في ممرّ مائي من خارج الحصن الى داخله ، فصاحت زوجته ، واستغاثت بالجيران ، فأوقد اليهود النيران ، واشتدوا في طلب تلك الجماعة الفدائية المسلمة ، ولكن من دون جدوى ، وعند ما يئسوا من القبض عليهم رجعوا الى صاحبهم المقتول ، وقد بلغ من جرأة المسلمين أن بعثوا أحدهم ليدخل بين اليهود في خيبر ويأتي لهم بخبر ابن أبي الحقيق ، لأنهم كانوا يظنون بأنه لا يزال على قيد الحياة.
فدخل ذلك الرجل بين اليهود فوجدهم وامرأته حول ابن أبي الحقيق ، وفي يدها المصباح تنظر في وجهه ، وتحدثهم ، وتقصّ عليهم ما جرى ، ثم أقبلت عليه
__________________
(١) إن السبب أو الحكمة في تكليف رسول الله صلىاللهعليهوآله الخزرج بهذه المهمة هو أن الاوس قاموا بعملية مشابهة في حق « كعب بن الأشرف » اليهودى الخطر فأراد رسول الله صلىاللهعليهوآله إقامة توازن في كسب المفاخر بين تينك القبيلتين ولذلك أوكل مهمة تصفية هذا اليهودي المفسد إلى رجال الخزرج.