بريئا كان يتمتع في المجتمع الاسلامي آنذاك بتهمة الزنا ، تحقيقا لمآربهم الدنيئة ، واضرارا بالمجتمع الاسلاميّ ، وقد ردّهم القرآن وشجب عملهم بشدّة قل نظيرها ، وأبطل خطتهم.
فمن هو ـ ترى ـ ذلك البريء؟ ان في ذلك خلافا بين المفسرين ، فالاكثرون على أنها « عائشة » زوجة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ويرى الآخرون أنها « مارية » القبطية أم إبراهيم وزوجة رسول الله أيضا لقد ذكروا أسبابا مختلفة لنزول هذه الآيات لا تخلو من عن إشكال. وها نحن ندرس القول الذي يذهب إلى أن المراد في هذه الآيات هو : « عائشة » وتوضيح ما يصح وما لا يصح في هذا المجال :
دراسة القول الأوّل :
يرى المحدّثون والمفسرون من أهل السنة أن نزول آيات « الإفك » يرتبط بعائشة ، ويذكرون في هذا المجال رواية مفصّلة لا يتلاءم بعضها مع عصمة رسول الله صلىاللهعليهوآله ومن هنا لا يمكن القبول بهذا القول على اطلاقه.
وها نحن نذكر ما يتلاءم من هذه القصة مع عصمة النبي صلىاللهعليهوآله ثم نستعرض آيات الإفك ، ثم نشير إلى القسم الذي يخالف عصمته صلىاللهعليهوآله في هذا القول.
إن اسناد هذه الرواية تنتهي برمتها إلى « عائشة » (١) نفسها ، فهي تقول : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ، فأيّهن خرج سهمها خرج بها معه ، فلما كانت غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه كما كان يصنع عادة فخرج سهمي عليهن معه فخرج بي رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما فرغ رسول الله صلىاللهعليهوآله من سفره ذلك وجه قافلا حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا ، فبات به بعض الليل ، ثم أذن في الناس بالرحيل ، فارتحل
__________________
(١) راجع الدر المنثور : ج ٥ ص ٢٤ ـ ٣٤.