قال : اريد أن أكتب بيني وبينك هدنة على أن اخلّيها لك في قابل (١) فتدخلها ، ولا تدخلها بخوف ولا فزع ، ولا سلاح إلاّ سلاح الراكب ، السيف في القراب.
فقبل رسول الله صلىاللهعليهوآله بعقد مثل هذا الصلح.
وهكذا أدّت مفاوضات « سهيل » مع رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى عقد صلح شامل وواسع بين قريش وبين المسلمين.
ولقد تشدد « سهيل » في شروط هذا الصلح كثيرا ، حتى كاد أن ينتهي هذا التشدّد إلى قطع المفاوضات أحيانا ، ولكن حيث إن الطرفين كانا يرغبان في الصلح والموادعة ، لهذا كانا يستأنفان التحاور والتفاوض مرة اخرى ، بعد كلّ أزمة تطرأ على المباحثات.
وأخيرا انتهت مفاوضات الجانبين ـ رغم كل ما أبداه مندوب قريش من التصلّب ـ الى عقد وثيقة موادعة وهدنة نظّمت في نسختين ووقع عليها الجانبان.
ويروي كافّة المؤرخين وأرباب السير أن رسول الله صلىاللهعليهوآله استدعى عليّا عليهالسلام ، وامره أن يكتب تلك الوثيقة قائلا له : اكتب « بسم الله الرحمن الرحيم » فكتب « عليّ » ذلك فقال سهيل : لا أعرف هذا ، ولكن أكتب : باسمك اللهم!!
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اكتب : باسمك اللهم وامح ما كتبت.
ففعل « علي » ذلك.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أكتب « هذا ما صالح عليه رسول الله سهيل بن عمرو ».
فقال سهيل ، لو أجبتك في الكتاب إلى هذا لأقررت لك بالنبوّة فامح هذا الاسم واكتب : محمّد بن عبد الله ( أو قال : لو شهدت انك رسول الله لم اقاتلك.
__________________
(١) أي افرغ لك مكة في العام القادم لتدخلها.